وعنه صلىاللهعليهوآله من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله في أرضه ، وخليفة رسوله وخليفة كتابه (١) وكفى بقوله (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي الأخصّاء بالفلاح مدحا لهم ، وقد يتمسّك بهذا في أنّ الفاسق ليس له أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لأنّه ليس من أهل الفلاح.
[ويؤيّده قوله تعالى (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) الآية] (٢) وأجيب بأنّ هذا ورد على الغالب ، فانّ الظاهر أنّ الآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر لا يشرع فيه إلّا بعد إصلاح أحوال نفسه ، لأنّ العاقل يقدّم مهمّ نفسه على مهمّ الغير لا أنّ الأمر بالمعروف لا يكون إلّا من العدل غير الفاسق ، [والآية المذكورة قد سلف الكلام فيها].
وقد تحقّق ممّا ذكرنا أنّه لا يشترط في الآمر والنّاهي صفة زائدة على كونه عالما بالمعروف والمنكر ، من كونه عدلا ، فيجوز للعاصي أن ينهى عمّا يرتكبه من المعاصي ، لأنّه يجب عليه التّرك والإنكار ، فلا يسقط بترك أحدهما وجوب الآخر ولعلّ في إطلاق «منكم» من غير تقييد إشعارا به.
الثانية : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) (٣).
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) دلّ على خيرتهم في الماضي ، ولا يلزم منه انقطاع خيرتهم
__________________
(١) المجمع عن الحسن عن النبي (ص) ج ١ ص ٤٨٤ وأخرجه في الكشاف أيضا ج ١ ص ٣٩٧ ط دار الكتاب عند تفسير الآية قال ابن حجر في الكاف الشاف أخرجه ابن عدا في الكامل في ترجمة كادح بن رحمة وعلى بن معبد في كتاب الطاعة والثعلبي.
(٢) زيادة من سن. والآية في البقرة : ٤٤.
(٣) آل عمران : ١١٠.