بالله ، لأنّه يستلزم الإيمان بالنبوّة وبسائر ما عددناه ، وإلّا لم يكن في الحقيقة إيمانا.
وفي الآية دلالة على وجوب الأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر ، لأنّ خيريّتهم إذا كانت من هذا الوجه كان ما نافاه منافيا للخير ، فيكون حراما ، واستدلّ بها على أنّ إجماع الأمة حجّة ، لأنّها يقتضي كونهم آمرين بكلّ معروف ، وناهين عن كلّ منكر ، إذ اللّام فيها للاستغراق ، فلو أجمعوا على باطل كان أمرهم على خلاف ذلك وهذا لا ينافي ما يذهب إليه معاشر الإماميّة من حجيّة الإجماع بدخول قول المعصوم ضرورة أنّ المعصوم داخل في الأمّة ، بل هو رئيسهم في الأقوال والأفعال فإجماعهم مظنّة لدخول قوله ، وإن لم يعلم بخصوصه على ما ثبت في الأصول.
الثالثة : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (١).
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) الإنصاف بين الخلق ، والتعامل بالاعتدال الّذي ليس فيه ميل إلى أحد الجانبين والتوسّط في جميع الاعتقادات والافعال والأقوال ، وعدم التفريط والإفراط فيها ، فلا يكون اعتقاده في حقّ الله ناقصا ولا فوق ما لا يجوز بأن يعتقد الشركة والاتّصاف بالصّفات النّاقصة ، واتّصاف النبيّ بالالوهيّة وكذا الإمام بالنبوّة ، وفي العبادات لا يجعلها ناقصة عن الوظيفة المقرّرة من الشارع ، ولا يخترع فوقها ، وبالجملة لا يخرج عن حدود الشرع الشريف.
(وَالْإِحْسانِ) إلى الغير ، وهو التفضّل ، ولفظ الإحسان جامع لكلّ خير ولكنّ الأغلب استعماله في التبرّع بإيتاء المال ، وبذل السعي الجميل ، ويحتمل دخول العبادات فيه ويراد إحسان الطّاعات ، إمّا بحسب الكميّة كالتطوّع بالنوافل أو الكيفية كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه ، فان لم تكن تراه فإنّه يراك.
__________________
(١) النحل : ٩٠.