(وَالْغارِمِينَ) وهم الّذين ركبتهم الديون في غير معصية ولا إسراف ، فتقضي عنهم ديونهم ، ولو كان دينه في معصية لم يصرف إليه من سهم الغارمين عند علمائنا أجمع لما في القضاء عنه من الإغراء بالمعصية ، وهو قبيح. ويؤيّده من الأخبار ما روي عن الرضا عليهالسلام قال (١) يقضى ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله عزوجل ، وإن كان أنفقه في معصية الله فلا شيء له على الامام ، ولو تاب عن المعصية فظاهر بعض علمائنا جواز الدفع إليه من سهم الغارمين ، واستبعده الشهيد في البيان نظرا إلى أنّ الدين إذا كان في معصية لم تتناوله الآية ، لعدم صدق الغارم فيها عليه ، مع ما فيه من الإغراء المذكور.
وقد يقال إنّ الآية لا تتناوله من حيث إنّه في معصية بل من حيث إنّه مديون لأنّ الحال ثابت والإغراء ممنوع.
هذا إذا دفع إليه من سهم الغارمين أمّا لو دفع إليه من سهم الفقراء ، فلا ريب في جوازه مع التوبة إن شرطنا العدالة ، وإلّا لم يتوقّف جواز الدفع على ذلك ، لصدق الفقر ، وعدم معارضة الفسق للدفع.
ولو جهل حال دينه فيما أنفقه من طاعة أو معصية ، فالمرويّ عن الرضا عليهالسلام مرسلا أنه لا يعطى ، وهو ظاهر الشيخ في النهاية واحتجّ له في المختلف بذلك ، وبأنّ الشرط الإنفاق في الطاعة ومع الجهل به ينتفي المشروط ، وفيه نظر ، لضعف الرواية والأصل في تصرّفات المسلم الصحّة وعدم العصيان ، ولأنّ تتبّع مصارف الأموال عسر ، فلا يكون دفع الزكاة موقوفا على اعتباره ، ولأنّ الطاعة والمعصية من الأمور
__________________
(١) الحديث رواه الكافي باب الدين من كتاب المعيشة الحديث ٥ ج ١ ص ٣٥٣ ، وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٨٧ ورواه في التهذيب أيضا ج ٦ ص ١٨٥ بالرقم ٣٨٥ وهو في الوسائل الباب ٩ من أبواب الدين الحديث ٢ ج ٢ ص ٦٢٢ ط الأميري والبرهان ج ١ ص ٢٦٠ الرقم ٢ ونور الثقلين ج ١ ص ٢٤٦ الرقم ١١٨٣ وقريب منه ما رواه العياشي عند تفسير الآية ٢٨٠ من سورة البقرة ج ١ ص ١٥٥ بالرقم ٥٢٠ وحكاه في البحار ج ٢٣ ص ٣٧ والبرهان ج ١ ص ٢٦١ بالرقم ١١.