إلى الشكر (حَمِيدٌ) حقيق بأن يحمد وإن لم يحمده أحد ، أو أنّه محمود نطق بحمده جميع مخلوقاته كلّ منها بلسان حاله.
(وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ) قيل اسمه أنعم وقيل أشكم ، وقيل ما ثان (وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ) تصغير إشفاق لا تحقير (لا تُشْرِكْ بِاللهِ) قيل كان كافرا فلم يزل به حتّى أسلم ومن وقف على لا تشرك ، جعل «بالله» قسما (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) لأنّه تسوية بين من لا يوجد نعم إلّا منه ، وبين من لا يتصور أن يكون منه نعمة وهو ظلم ، لا يكتنه عظمه.
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ) أي حملته تهن وهنا على وهن ، وهو كقولك رجع عودا على بدء ، بمعنى يعود عودا على بدء ، وهو في موضع الحال ، والمعنى أنّها تضعف ضعفا فوق ضعف ، فإنّها تتزايد في الضعف وذلك لانّ الحمل كلّما ازداد عظما ازداد ثقلا وازدادت أمّه ضعفا (وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) وفطامه من الرّضاع في انقضاء عامين أي بعد مضيّهما ويجوز الزّيادة شهرا واثنين عليهما عندنا على ما دلّت عليه غيرها من الأدلّة ولا يبعد حمل ذلك على الضرورة ، وأمّا النّقيصة كذلك فيجوز أيضا وقد دلّ عليه غيرها من الآيات وسيجيء بيانه إنشاء الله ، والمراد أنّها بعد ما تلده ترضعه عامين وتربّيه فيلحقها المشقّة بذلك أيضا.
(أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) تفسير «لوصيّنا» ولعلّ المراد منها وصّينا الإنسان بنا وبوالديه كما يظهر من تفسيره ، وفي الاقتصار على الوالدين مبالغة زائدة لا يمكن فوقها ، حيث جعل الوصيّة إليهما وصيّة إليه تعالى ، ويحتمل أن يكون بدلا من والديه بدل الاشتمال ، وذكر الحمل والفصال في البين اعتراض مؤكّد للتوصية في حقّ الامّ خصوصا لكثرة مشقّتها ومن ثمّ قال (١) صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن سأله من أبرّ؟ أمك ثمّ أمك ثمّ أمك
__________________
(١) أصول الكافي باب البر بالوالدين الحديث ٩ و ١٧ وتراهما في المرآة ج ٢ ص ١٤٤ و ١٤٦ وشرح ملا صالح ج ٢ ص ٢٣ وص ٢٧ ونور الثقلين ج ٤ ص ٢٠٠ وص ٢٠١ والوافي الجزء الثالث ص ٩٢ وانظر الوسائل ج ٣ ص ١٣٥ الباب ٤٩ من أبواب ـ