من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم ، فأخبر بردّ الزكاة بأسرها إلى صنف واحد هم الفقراء ، ولم يذكر سواهم ، وأمر صلىاللهعليهوآله لسلمة بن صخر (١) بصدقة قومه ، وجاءه مال من اليمن فجعله في صنف آخر هم المؤلّفة (٢) ونحو ذلك ممّا يدلّ على ما قلناه.
والآية وإن كانت عامّة في الأصناف المذكورة إلّا أنها مخصوصة بالإسلام فيما عدا المؤلّفة بل الايمان عند أصحابنا أجمع ، لورود الأخبار بأنّ محلّها ليس إلّا المؤمن حتّى أنّ المخالف لو دفعها إلى مثله وجب عليه إعادتها بعد الاستبصار وإن لم يجب عليه إعادة غيرها من العبادات الّتي أوقعها على وجهها بحسب معتقده.
والفرق أنّ الزكاة دين دفعها إلى غير مستحقّه ، بخلاف العبادات فإنّها حقّ الله وقد أسقطها عنه تفضّلا ورحمة كما أسقطها عن الكافر بعد الإسلام ، لكنّ الفرق بينه وبين الكافر أنّه إذا ترك العبادة أو فعلها على غير وجهها بحسب معتقده ، قضاها لأنّه أقدم على المعصية والمخالفة بذلك لله تعالى بعد التزامه لأحكام الإسلام ، ولا كذا الكافر لعدم الالتزام فلا مخالفة.
وكذلك يقيّد إطلاق الآية بالهاشميّ ، فلا يجوز إعطاؤه من الزكاة إذا كان الدافع من غيرهم بإجماع علمائنا وفي الأخبار دلالة عليه نعم لو كان الدافع هاشميّا أيضا جاز إعطاؤه له ، وإن خالفه في النسب ، أو كان المدفوع إليه مضطرّا أو تعذّر كفايته من الخمس فيجوز الدفع إليه منها على قدر الكفاية.
وكذا يخصّ العموم بواجب النفقة كالزوجة والآباء والأولاد ، فلا يجوز إعطاؤهم من سهم الفقراء والمساكين إجماعا ، ولو اتّصف بغيرهما من أوصاف الاستحقاق كالعمولة والغرامة والسبيل ونحوه جاز إعطاؤه من ذلك ، فيدفع إليه ما يوفي دينه والزائد عن نفقة الحضر ، والضابط أنّ واجب النفقة إنّما يمنع من قوت نفسه مستقرّا في وطنه أي من جهة الفقر لا غيره.
__________________
(١) انظر تفصيل القصة في أحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ١٧٣ والمغني لابن قدامة ج ٢ ص ٦٦٩.
(٢) انظر المغني لابن قدامة ج ٢ ص ٦٦٩.