لأطماعهم ، ودفعا لما زعموا أنّ المعطين مختارون في الإعطاء والمنع ، فكأنّه تعالى قال : الصدقات لهؤلاء المذكورين لا لغيرهم كما تقول الخلافة لقريش ، وعلى هذا فلا يجب بسطها على الأصناف ، بل يجوز تخصيص الصنف الواحد بها وعلى هذا علماؤنا أجمع ، وهو قول أكثر العامّة.
وذهب الشافعيّ وأتباعه إلى وجوب البسط على الأصناف السبعة ، نظرا إلى ظاهر اللّام الدالّة على الملك ، بمعنى أنّها ملك لهؤلاء المذكورين. ومقتضى ذلك اشتراكها بينهم ، وعدم جواز صرفها في صنف واحد منهم ، ووجوب بسطها على جميعهم بل وجوب التسوية بينهم ، وعدم إعطاء بعضهم بغير إذن الباقين ، وعدم جواز إعطاء العوض بل العين ، ونحو ذلك من لوازم الملكيّة ، قضيّة للاشتراك.
وفيه نظر ، فانّ الظاهر من الكلام الاختصاص في الجملة أي الربط والتعلّق الّذي هو أعمّ من الملكيّة فلا يدلّ على الملكيّة بوجه مع أنّ الأصل عدمها ، فلا يصار إليها وقد دلّ على ما ذهبنا إليه الأخبار.
روى عبد الكريم بن عتبة (١) الهاشميّ في الحسن عن الصادق عليهالسلام قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي ، وأهل الحضر في أهل الحضر ولا يقسمها بينهم بالسويّة ، وإنّما يقسمها بينهم على قدر ما يحضره منهم وما يرى وليس في ذلك شيء موقّت. ونحوها من الأخبار.
وروى الجمهور عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال لمعاذ (٢) أعلمهم أنّ عليهم صدقة تؤخذ
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ١٥٧ باب الزكاة تبعث من بلد الى بلد ، الحديث ٨ وهو في المرآة ج ٣ ص ١٩٧ ورواه في التهذيب ج ٤ ص ١٠٣ بالرقم ٢٩٢ وأرسله في الفقيه ج ٢ ص ١٦ بالرقم ٤٨ ويؤيد الحكم أيضا حديث عمرو بن أبى نصر المار قبيل ذلك وغيره من الاخبار الكثيرة.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة باب أخذ الصدقة من الأغنياء ، وترد في الفقراء ، انظر فتح الباري ج ٤ ص ٩٩ والحديث مبسوط أخذ المصنف موضع الحاجة ، وانظر أيضا أحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ١٦٩ و ١٧٣ والمغني لابن قدامة ج ٢ ص ٦٦٩.