إنّ الله تبارك وتعالى أحبّ شيئا لنفسه ، وأبغضه لخلقه : أبغض لخلقه المسئلة وأحبّ لنفسه أن يسئل ، وليس شيء أحبّ إلى الله عزوجل من أن يسئل ، فلا يستحيي أحدكم أن يسأل الله من فضله ، ولو شسع نعل.
وروى الكلينيّ (١) عن الحسين بن حمّاد عمّن سمع أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إيّاكم وسؤال الناس فإنّه ذلّ في الدنيا ، وفقر تعجّلونه ، وحساب طويل يوم القيامة وروى الكليني (٢) عن الحسين بن أبى العلاء قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : رحم الله عبدا عفّ وتعفّف وكفّ عن المسئلة ، فإنّه يتعجّل الدنيّة في دنياه ، ولا تغني عنه شيئا ، وروى أيضا عن مفضّل بن قيس (٣) لمّا دخل على الصادق عليهالسلام وشكاله حاله من الفقر ، فدفع إليه أربعمائة دينار ، فقال لا والله جعلت فداك ما هذا دهري ، ولكن أحببت أن تدعو الله لي ، فقال عليهالسلام سأفعل ، ولكن إيّاك أن تخبر الناس بكلّ حالك فتهون عليهم ونحوها من الأخبار.
وقيل : إنّ الفقراء في الآية هم أصحاب الصفّة (٤) وإنّها نزلت فيهم ، وكانوا عدّة أربعمائة رجل من مهاجرى قريش ، لم يكن لهم مسكن في المدينة ، ولا عشائر وكانوا في صفّة المسجد يتعلّمون القرآن بالليل ، ويلتقطون النوى بالنهار ، وكانوا يخرجون مع كلّ سريّة بعثها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فحثّ الله الناس عليهم ، فكان الرجل إذا كان عنده فضل أتاهم به إذا أمسى.
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ١٦٧ باب كراهية المسئلة والفقيه ج ٢ ص ٤١ الرقم ١٨٢.
(٢) الكافي ج ١ ص ١٦٧ وذيل الحديث : قال ثم تمثل أبو عبد الله ببيت حاتم :
إذا ما عرفت اليأس ألفيته الغنى |
|
إذا عرفته النفس والطمع الفقر |
(٣) الكافي باب كراهية المسئلة الحديث ٦ ج ١ ص ١٦٧.
(٤) رواه في المجمع ج ١ ص ٣٨٧ عن ابى جعفر عليهالسلام وعن الكلبي عن ابن عباس وكذلك في الدر المنثور ج ١ ص ٣٥٨ عن ابن المنذر من طريق الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس وقد سرد أبو نعيم أسماء عدة من أصحاب الصفة وما ورد فيهم في حلية الأولياء ج ١ من ص ٣٤٧ الى آخر ص ٣٩٧ وفي ج ٢ من ص ١ الى ص ٣٩.