مندوبا إليه ، بل منهيّا عنه. ويؤيّده أمره (١) صلىاللهعليهوآلهوسلم بالبدء بمن يعول في بعض الأخبار ولأنّ ذلك يوجب التقتير في نفقة العيال ، وهو يوجب الإثم. ويزيده بيانا ما ورد من الحثّ على التوسعة في نفقة العيال فإنّه لا يتمّ مع ذلك.
الرابعة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٢).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ) قيل أراد به الفرض كالزكاة ونفقة العيال الواجبي النفقة ونحوها ، لاقتران الوعيد به ، وهو لا يتوجّه إلّا على ترك الواجب ولأنّ ظاهر الأمر الإيجاب ، وقيل يدخل فيه الفرض والنفل ، لأنّه أعمّ ولأنّ الآية ليس فيها وعيد على ترك الإنفاق ، بل بيان عظم أهوال يوم القيامة وشدائدها والغرض أن يعلم أنّ منافع الآخرة لا تكسب إلّا في الدنيا ، وأنّ الإنسان يجيء وحده وما معه إلّا ما قدّم من أعماله.
وفيه نظر فإنّ الظاهر أنّ الأهوال مترتّبة على عدم الإنفاق فالأولى حملها على الوجوب ، ومقتضاها وجوب الإنفاق مطلقا إلّا ما أخرجه الدليل وخصّ بالإجماع فيندرج فيه جميع أفراد الإنفاق الواجب.
(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ) من قبل أن يأتي يوم لا تقدرون فيه على تدارك ما فرّطتم والخلاص من عذابه ، إذ لا بيع فيه فتحصّلون ما تنفقونه ، أو تفدون به من العذاب ، ولا خلّة حتّى يعينكم عليه أخلّاؤكم أو يسامحونكم فيه ، ولا شفاعة إلّا لمن أذن له الرحمن ورضى له قولا ، حتّى تتّكلوا على شفعاء فتشفع لكم في حطّ ما في ذممكم.
وبالجملة الأغلب أنّ جهة الخلاص من الورطة يكون بأحد هذه الأمور المذكورة
__________________
(١) كخبر عبد الأعلى وسماعة وغيرهما من الاخبار وهي في اخبار الشيعة وأهل السنة كثيرة لا طائل في سردها.
(٢) البقرة : ٢٥٤.