ورواه ابن بابويه في كتاب المقنع (١) ومن لا يحضره الفقيه وهو اختيار ابن الجنيد حيث قال : هو مقسوم على ستّة أقسام سهم لله يلي أمره إمام المسلمين ، وسهم لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأولى الناس به رحما ، وأقربهم إليه نسبا ، وسهم ذي القربى لأقارب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من بنى هاشم وبنى عبد المطّلب بن عبد مناف : إن كانوا من بلدان أهل العدل. ويردّه ظاهر قوله (وَلِذِي الْقُرْبى) فإنّه يدلّ على الوحدة فلا يتناول الأقارب أجمع فيتعيّن كونه الإمام إذ الثالث خرق الإجماع.
لا يقال أراد الجنس كما في ابن السبيل لأنّا نقول تنزيل اللفظ الموضوع للواحد على الجنس مجاز ، بل حقيقته الواحد فلا يعدل عنه ، إلّا أن يتعذّر حمله على الواحد فيحمل على الجنس ، وحيث إنّ الواحد متعذّر في ابن السبيل إذ ليس هناك معنى واحد يمكن أن يكون مقصودا به اللفظ ، فلا وجه للحمل عليه ، بخلاف ذي القربى ، فإنّ هناك معنى واحدا يصلح أن يكون مقصودا به فيحمل عليه.
وما يقال إنّا لا نسلّم تبادر الواحد من ذي القربى بل الظاهر منه الجنس كما في غير هذا الموضع قال تعالى (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) (٢) وغير ذلك من الآيات فيحمل على الجنس إلى أن يثبت المقتضى للعدول عنه ، على أنّ إرادة الواحد منه متوقّفة على قيام الحجّة بذلك ، أمّا بدونها فلا.
مدفوع بأنّا قد بيّنا أنّ الظاهر من لفظ ذي القربى الواحد وإنّما يحمل على الجنس مع التعذّر ، فليس احتماله للواحد والجنس على حدّ سواء ، بل الظاهر المتبادر منه الواحد. وإرادة الجنس في المواضع الّتي وقع فيها ذي القربى غير هذا الموضع إنّما هو لتعذّر إرادة الواحد منه ، ولو أمكن إرادته منه لوجب حمله عليه ، وبالجملة نحن
__________________
(١) هكذا في المختلف الجزء الثاني ص ٣٣ والحديث في المقنع ص ٥٣ والفقيه ج ٢ ص ٢٢ الرقم ٧٩ عن زكريا بن مالك الجعفي عن ابى عبد الله (ع) لكني لم أتحقق السر في تخصيصهم ذكر الرواية عن الصدوق مع أن الحديث رواه الشيخ أيضا في التهذيب ج ٤ ص ١٢٥ بالرقم ٣٦٠ ثم ان زكريا بن مالك الجعفي مجهول لم يذكر في حقه مدح وسرده الشيخ في أصحاب الإمام الصادق ص ٢٠٠ الرقم ٧١.
(٢) اسرى : ٢٦ ، النحل : ٩٠.