والمنازع مستظهر من الجانبين إلّا أنّ الاحتياط يقتضي الاعتبار ومقتضى اللّام على ما تقدّم بيان المصرف ، فيجوز تخصيص الفريق الواحد من الثلاثة بنصف الخمس الّذي هو حصّتهم وإليه ذهب أكثر المتأخرين.
واعتبر جماعة وجوب بسط النصف على الثلاثة الأصناف نظرا إلى أنّ اللام في الآية للملك ، فلا يجوز الاقتصار على صنف واحد. قالوا : ويؤيّد ذلك أنّها لو كانت هنا لبيان المصرف لجاز إعطاء الجميع لصنف واحد غير الامام ، وإن كان الامام حاضرا بل الظاهر أنّه لا قائل به ، ويمكن أن يجاب بأنّ ذلك خرج بالإجماع ، ولو لا الإجماع لساغ ذلك ، لكنّ الإجماع منع من صرف حصّة الإمام إلى غيره ، مع وجوده ، ومن ثمّ كان الخلاف بينهم إنّما هو في الأسهم الثلاثة للأصناف الثلاثة ، والخارج بالإجماع لا يرد نقضا.
على أنّ القائل بوجوب البسط إنّما يقول به مع حضور الأصناف لا مع غيبتهم فانّ الشيخ ممّن يقول بوجوب البسط ، وقد صرّح في بعض كتبه بأنّه إذا لم يكن في البلد إلّا فرقة واحدة منهم ، جاز أن يفرّق فيهم ولا ينتظر غيره ، ولا يحمل إلى بلد آخر ، وهذا ممّا يضعّف حمل اللّام على الملكيّة والاحتياط في البسط على الأصناف. أما تعميم الأشخاص الحاضرين فقد قيل به وهو بعيد.
(إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ) متعلّق بمحذوف دلّ عليه ما تقدّمه إى إن كنتم آمنتم بالله فاعلموا أنّ الخمس لهؤلاء المذكورين فسلّموا إليهم ، وفي الكلام تأكيد لوجوب الخمس على أتمّ وجه ، وأكّده تصدير الكلام بالعلم ، واقترانه بأنّ المفيدة للتوكيد ، وتقييد الحكم بالايمان ، وذكر الجملة الخبريّة ، وتكرار أنّ المؤكّدة وحذف الخبر وليس المراد هنا مجرّد العلم ، فانّ العلم المتعلّق بالعمل إذا أمر به كان العلم مقصودا بالعرض لتحصيل العمل الّذي هو المقصود أصالة.
(وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا) محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم من الآيات والملائكة والنصر (يَوْمَ الْفُرْقانِ) أراد به يوم بدر ، فإنّه يوم حصل فيه الفرق بين الحقّ والباطل ، وغلب فيه الحقّ عليه (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) هم المسلمون والكفّار وهي أوّل واقعة عظيمة صارت