(فَاتَّقُوا اللهَ) باتّقاء معاصيه واتّباع ما يأمركم به (وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) أي الحال الّتي بينكم بالمواساة ومساعدة بعضكم بعضا فيما رزقكم الله ، وترك الخصومة والمنازعة بالصلح والمحبّة ، وتسليم الأمر إلى الله.
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) ولا تخرجوا عمّا أمرتم به (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) مصدّقين بالله والرسول ، فانّ الايمان يقتضي ذلك ، أو إن كنتم كاملي الأيمان ، فإنّ كماله بهذه الثلاثة أعني اجتناب المناهي الّذي هو في معنى الاتّقاء واتّباع الأوامر ، وإصلاح ذات البين بالعدل والإحسان ، والمساعدة على الحقّ كما دل عليه قوله تعالى (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) الآية (١).
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) فزعت لذكره استعظاما له ، وتهيّبا من جلاله ، وقيل هو الرجل يهمّ بالمعصية فيقال له : اتّق الله فيرتدع عنه خوفا من العقاب ، والمراد بالآية كاملو الايمان ، لعدم اعتبار مثله في أصل الايمان كما دلّ عليه قوله في موضع آخر (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) (٢) حكم عليهم بتحقّق الايمان فيهم ، ولم يعتبر الوجل عند الذكر فاقتضى أنّها صفة زائدة توجب كماله.
(وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) لزيادة المؤمن به فإنّ الايمان بالآيات
__________________
ـ خاصة أربعة أخماسها والخمس الباقي لمستحقه ، قال تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ) الآية فأضاف الغنيمة إليهم وجعل الخمس للأصناف التي عداها المغايرين للغانمين فدل على ان الباقي لهم وروى الجمهور عن النبي انه قال : العنيمة لمن شهد الواقعة (كما عقد البيهقي لذلك بابا راجع السنن ج ٦ ص ٣٣٣ الى ٣٣٥ وانظر أيضا فتح الباري لابن حجر ج ٧ ص ٣٧ قال عند شرح عقد البخاري باب الغنيمة لمن شهد الواقعة : هذا لفظ أثر أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن طارق بن شهاب أن عمر كتب الى عمار أن الغنيمة لمن شهد الواقعة ذكره في قصة) ولا نعلم فيه خلافا انتهى (يعنى كلام العلامة) وفيه تنبيه على ما نبهنا عليه فلا تغفل.
(١) المائدة : ٢.
(٢) البقرة : ٢.