الإحسان ، والإحسان مشاهدة أو كالمشاهدة ، فإنه قال صلىاللهعليهوسلم في تفسير الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) قوله : (اتَّقُوا اللهَ) أي اتخذوه وقاية من كل ما تحذرون ، ومسمى الله يتضمن كل اسم إلهي ، فينبغي أن يتقى منه ويتخذ وقاية ، فإنه ما من اسم من الأسماء الإلهية للكون به تعلق إلا ويمكن أن يتقى منه وبه ، إما خوفا من فراقه إن كان من أسماء اللطف ، أو خوفا من نزوله إن كان من أسماء القهر ، فما يتقى إلا حكم أسمائه ، وما تتقى أسماؤه إلا بأسمائه ، والاسم الذي يجمعها هو الله فأمرنا بتقوى الله ، أي نتخذه وقاية ونتقيه لما فيه من التقابل ، وهو مثل قوله صلىاللهعليهوسلم في الاستعاذة منه به فقال : [وأعوذ بك منك] ومقام التقوى ، تقوى الله مكتسب للعبد ، ولهذا أمر به ، وهكذا كل مأمور به فهو مقام مكتسب ، ولما كان المعنى في التقوى أن تتخذ وقاية مما ينسب إلي المتقى ، فإذا جاءت النسبة حالت الوقاية بينها وبين المتقي أن تصل إليه فتؤذيه ، فتلقتها الوقاية ، لذلك يحتاج إلى ميزان قوي لأمور عوارض عرضت للنسبة ، تسمى مذمومة ، فيقبلها العبد ولا يجعل الله وقاية أدبا ، وإن كان لا يتلقاها إلا الله في نفس الأمر ، ولكن الأدب مشروع للعبد في ذلك ، ولا تضره هذه الدعوى لأنها صورة لا حقيقة ، وإذا علم الله ذلك منك جازاك جزاء من رد الأمور إليه ، وعوّل في كل حال عليه ، وسكن تحت مجاري الأقدار ، وتفرج فيما يحدث الله في أولاد الليل والنهار.
____________________________________
ما بقي بعد النقص ، وإنما سموه هلالا بالحالة التي تكون من المرتقبين له في أول الشهر فيهلون عند رؤية أول الشهر ، أي يرفعون أصواتهم تعريفا بأنه قد ظهر ، والإهلال رفع الصوت فبه سمي هلالا ، فقال الله : جعلت ذلك (مَواقِيتُ) أي أوقات (لِلنَّاسِ) في فطرهم وصومهم ، وتأجيل ديونهم ، وصلحهم مع الكفار ، وكل فعل يضرب له أجل كالمطلقات والحيض (وَالْحَجِّ) وخص الحج بالذكر وإن كان داخلا في قوله : (مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) فإن الحج لهذا البيت ليس من خصوص الناس بل تحجه الملائكة وغيرهم ممن ليس لهم أحكام البشر التي ذكرناها ، من المداينات والمصالحات ، والأهلة مواقيت لهم في ذلك ، ثم شرع فيما يتعلق بالحج فقال : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ) الآية ، مثل هذه الأسباب ينبغي أن تذكر حتى يعرف ما معنى دخول البيت من ظهره أو كيف يدخل منه ، فاعلم أن سبب نزول هذه الآية أن الأنصار كانت في الجاهلية والإسلام إذا أحرم أحدهم بالحج أو العمرة وكان من أهل المدر وهو مقيم في أهله لم يدخل منزله