الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (١٤٦) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (١٤٦) ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللهُ شاكِراً عَلِيماً (١٤٧) لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً) (١٤٨)
ما علم الحكم بكون القول سوءا إلا من القول إذ لولا القول ما وصل علمه إلينا. فالقول بالسوء بطريق التعريف أنه سوء قول خير يجب الجهر به لأنه تعليم حتى لا يجهر به عند الاستعمال إذا قضى الله على المكلف استعمال هذا. فنفى المحبة أن يكون متعلقها الجهر بالسوء من القول ، والجهر بالسوء قد يكون قولا ، وقد يكون في الأفعال التي لا تكون قولا ، فيريد بالجهر فيها ظهور الفحشاء من العبد ، كما قال صلىاللهعليهوسلم من بلي منكم بهذه القاذورات فليستتر ؛ يعني لا يجهر بها. ولما وقع الاصطلاح في اللسان على السيء والحسن ، نزل الشرع من عند الله بحسب التواطؤ ، فهم سموه سوءا ، وقالوا : إن ثمّ سوءا فقال «إن الله (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ) الذي سميتموه سوءا لكونه لا يوافق أغراضكم (إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) والجهر بالسوء من القول وإن كان جزاء بقوله (إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) ولكن السكوت عنه أفضل (وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً).
(إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً) (١٤٩)
اعلم أن كل مخالف أمر الحق فإنه يستدعي بهذه المخالفة من الحق مخالفة غرضه ، ولذلك لا يكون العفو والتجاوز والمغفرة من الحق جزاء لمخالفة العبد في بعض العبيد ، وإنما يكون ذلك امتنانا من الله عليه ، فإن كان جزاء فهو جزاء لمن عفا عن عبد مثله وتجاوز وغفر لمن أساء إليه في دنياه ، فقام له الحق في تلك الصفة من العفو والصفح والتجاوز والمغفرة مثلا بمثل يدا بيدها وها ، فما نهى الله عباده عن شيء إلا كان منه أبعد ، ولا أمرهم بكريم خلق إلا كان الحق به أحق.
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ