لكماله ، وكمال صفاته. فلا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه ، ولا يمكن أن يكن إلا غنيا. لأن غناه ، من لوازم ذاته. كما لا يكون إلا خالقا ، قادرا ، رازقا ، محسنا ، فلا يحتاج إلى أحد بوجه من الوجوه. فهو الغني ، الذي بيده خزائن السموات والأرض ، وخزائن الدنيا والآخرة. المغني جميع خلقه ، غنى عاما ، والمغني لخواص خلقه ، بما أفاض على قلوبهم ، من المعارف الربانية ، والحقائق الإيمانية.
(الحليم) الذي يدرّ على خلقه النعم الظاهرة والباطنة ، مع معاصيهم وكثرة زلاتهم ، فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم. ويستعتبهم ، كي يتوبوا ، ويمهلهم كي ينيبوا.
(الشاكر) ، الشّكور الذي يشكر القليل من العلم ، ويغفر الكثير من الزلل. ويضاعف للمخلصين أعمالهم بغير حساب. ويشكر الشاكرين ، ويذكر من ذكره. ومن تقرب إليه بشيء من الأعمال الصالحة ، تقرب الله منه أكثر.
(القريب) ، المجيب أي : هو تعالى ، القريب من كل أحد. وقربه تعالى نوعان : قرب عام من كل أحد ، بعلمه ، وخبرته ، ومراقبته ، ومشاهدته ، وإحاطته. وقرب خاص ، من عابديه ، وسائليه ، ومحبيه ، وهو قرب لا تدرك له حقيقة ، وإنما تعلم آثاره ، من لطفه بعبده ، وعنايته ، به ، وتوفيقه وتسديده. ومن آثاره ، الإجابة للداعين ، والإنابة للعابدين ، فهو المجيب إجابة عامة ، للداعين ، مهما كانوا ، وأين كانوا ، وعلى أيّ حال كانوا كما وعدهم بهذا ، الوعد المطلق. وهو المجيب إجابة خاصة ، للمستجيبين له ، المنقادين لشرعه.
وهو المجيب أيضا ، للمضطرين ، ومن انقطع رجاؤهم من المخلوقين ، وقوي تعلقهم به ، طمعا ، ورجاء ، وخوفا.
(الكافي) عباده جميع ما يحتاجون ، ويضطرون إليه. الكافي كفاية خاصة ، من آمن به ، وتوكل عليه ، واستمد منه حوائج دينه ودنياه.
(الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ).
قد فسرها النبي صلىاللهعليهوسلم ، تفسيرا جامعا ، واضحا فقال يخاطب ربه : «أنت الأول ، فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر ، فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر ، فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء».
(الواسع) الصفات ، والنعوت ، ومتعلقاتها ، بحيث لا يحصي أحد ثناء عليه ، بل هو كما أثنى على نفسه. واسع العظمة ، والسلطان ، والملك ، واسع الفضل ، والإحسان ، عظيم الجود والكرم.
(الهادي) ، (الرّشيد) أي : الذي يهدي ويرشد عباده إلى جميع المنافع ، وإلى دفع المضار ، ويعلمهم ما لا يعلمون ، ويهديهم لهداية التوفيق والتسديد ، ويلهمهم التقوى ، ويجعل قلوبهم منيبة إليه ، منقادة لأمره.
وللرشيد معنى ، بمعنى الحكيم ، فهو : الرشيد في أقواله وأفعاله ، وشرائعه كلها خير ، ورشد وحكمة ، ومخلوقاته مشتملة على الرشد.
(الحقّ) في ذاته وصفاته. فهو واجب الوجود ، كامل الصفات والنعوت ، وجوده ، من لوازم ذاته. ولا وجود لشيء من الأشياء إلا به. فهو الذي لم يزل ، ولا يزال ، بالجلال ، والجمال ، والكمال ، موصوفا. ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفا.
فقوله حق ، وفعله حق ، ولقاؤه ورسله حق ، وكتبه حق ، ودينه هو الحق ، وعبادته وحده لا شريك له هي الحق ، وكل شيء ينسب إليه ، فهو حق. (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ).