«البقرة» و «آل عمران» و «النساء» و «المائدة» و «الأنعام» و «الأعراف» و «الأنفال» مع «التوبة». أو أنها فاتحة الكتاب لأنها سبع آيات ، فيكون عطف (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) على ذلك ، من باب عطف العام على الخاص ، لكثرة ما في المثاني من التوحيد ، وعلوم الغيب ، والأحكام الجليلة ، وتثنيتها فيها. وعلى القول ، بأن «الفاتحة» هي السبع المثاني ، معناها : أنها سبع آيات ، تثنى في كل ركعة ، وإذا كان الله قد أعطاه القرآن العظيم مع السبع المثاني ، كان قد أعطاه أفضل ما يتنافس فيه المتنافسون ، وأعظم ما فرح به المؤمنون ، (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (٥٨) ، ولذلك قال بعده :
[٨٨] (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ) أي : لا تعجب إعجابا يحملك على إشغال فكرك ، بشهوات الدنيا ، التي تمتع بها المترفون ، واغترّ بها الجاهلون ، واستغن بما آتاك الله ، من المثاني والقرآن العظيم ، (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) فإنهم لا خير فيهم يرجى ، ولا نفع يرتقب. فلك في المؤمنين عنهم ، أحسن البدل ، وأفضل العوض ، (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) أي : ألن لهم جانبك ، وحسّن لهم خلقك ، محبة ، وإكراما ، وتودّدا.
[٨٩] (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) (٨٩) أي : قم بما عليك من النذارة ، وأداء الرسالة ، والتبليغ للقريب والبعيد ، والعدو ، والصديق ، فإنك إذا فعلت ذلك فليس عليك من حسابهم من شيء ، وما من حسابك عليهم من شيء.
[٩٠] وقوله : (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ) (٩٠) أي : كما أنزلنا العقوبة على مدّعي بطلان ما جئت به ، الساعين لصد الناس عن سبيل الله.
[٩١] (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (٩١) أي : أصنافا ، وأعضاء ، وأجزاء ، يصرفونه بحسب ما يهوونه ، فمنهم من يقول : سحر ، ومنهم من يقول : كهانة ومنهم من يقول مفترى إلى غير ذلك من أقوال الكفرة المكذبين به ، الّذين جعلوا قدحهم فيه ، ليصدوا الناس عن الهدى.
[٩٢ ـ ٩٣] (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (٩٢) أي : جميع من قدح فيه وعابه ، وحرّفه وبدّله (عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩٣) ، وفي هذا أعظم ترهيب ، وزجر لهم عن الإقامة على ما كانوا يعملون.
[٩٤ ـ ٩٥] ثمّ أمر الله رسوله أن لا يبالي بهم ، ولا بغيرهم ، وأن يصدع بما أمر الله ، ويعلن بذلك لكل أحد ولا يعوّقنّه عن أمر عائق ولا تصدّه أقوال المتهوكين ، (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) أي لا تبال بهم ، واترك مشاتمتهم ومسابتهم ، مقبلا على شأنك ، (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (٩٥) بك وبما جئت به ، وهذا وعد من الله لرسوله ، أن لا يضره المستهزءون ، وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة.
[٩٦ ـ ٩٧] وقد فعل تعالى ، فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلىاللهعليهوسلم وبما جاء به ، إلا أهلكه الله ، وقتله شر قتلة ، ثمّ ذكر وصفهم وأنهم كما يؤذونك يا رسول الله ، فإنهم أيضا ، يؤذون الله (الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً