الاستصحاب ، فتترتّب أحكام ذلك الموضوع الثابتة له بالمباشرة عرفا وبلا واسطة ، فلا تترتّب آثاره العقلية ، وكذا الآثار الشرعية المترتّبة عليه مع الواسطة عرفا.
مثلا : إذا غاب زيد عنّا غيبة منقطعة وكان عمره حين ذاك عشر سنين ، وقد مضى من غيبته عشر سنين ، فنشكّ في موته فنستصحب ما يثبت أنّه حي يرزق. فحينئذ تترتّب عليه الأحكام الشرعية الثابتة له بلا واسطة عرفا ، مثلا إن مات وارث له عزل نصيبه ، وإن كان له مال يبقى في ملكه ولا يقسّم بين ورثته ، وإن كانت له زوجة بقيت في حبالته. وهذه أحكام شرعية ثابتة له بلا واسطة عرفا ، فهي تثبت إذا ثبت بقاؤه بالاستصحاب.
وأمّا الأثر غير الشرعي ، مثل نبات اللحية وصيرورة قامته مترين باعتبار أنّه إذا كان حيا كان عمره عشرين سنة ـ فحيث ثبت بالاستصحاب أنّه حي فحينئذ لا يمكن إثبات نبات اللحية له ولا إثبات الطول في قامته ؛ لأنّهما أثران عاديان ليسا شرعيين.
وهكذا لا يترتّب عليه الأثر الشرعي المترتّب عليه مع الواسطة عرفا ، مثل ما إذا شككنا في يوم الثلاثين من شهر رمضان أنّه انقضى شهر رمضان من أمس ـ أي من التاسع والعشرين ـ أم لا ، فكان ثبوت شهر رمضان يقينيا الآن شككنا في ارتفاعه وانقضائه ، فنستصحب بقاءه ، فبذلك يثبت أنّ هذا اليوم ـ وهو يوم ثلاثين ـ من شهر رمضان فيجب فيه الصوم ، ولكن لازمه أنّ اليوم التالي أوّل شهر شوال فهو يوم عيد الفطر ، فهل يحكم باستصحاب شهر رمضان المثبت ؛ لأنّ هذا اليوم من شهر رمضان بأنّه تستحبّ صلاة العيد في اليوم التالي ، وتجب الفطرة فيه استنادا إلى الاستصحاب فقط؟