٤ ـ البحث في هذا الفصل يختلف عن البحث الأسبق ، أعني بحث المرّة والتكرار ، فإنّ النزاع هاهنا في كفاية إتيان المأمور به مرّة حتى لا يجب القضاء والإعادة بعد الفراغ من تحديد مفاد الأمر ، وهل هو عبارة عن المرّة أو التكرار على ما تقدّم؟
وهكذا يختلف هذا البحث عن أنّ القضاء تابع للأداء أم لا؟ لأنّ البحث هاهنا ـ كما عرفت ـ في أنّ إتيان المأمور به يجزي عقلا عن الإتيان به مرّة ثانية بعنوان الأداء أو القضاء ، أي هل الإتيان به علّة لسقوط الأمر أم لا؟
والبحث في المسألة الثانية في دلالة الصيغة على التبعية ، بمعنى هل الأمر يدلّ على وجوب القضاء على تقدير فوت الأداء؟
٥ ـ ينقسم الأمر إلى أقسام ثلاثة : الواقعي والاضطراري والظاهري.
أ ـ الواقعي : هو الأمر المتعلّق بالفعل بعنوانه الأوّلي ، مثل : الخمر حرام ، والماء مباح وما شاكلهما.
ب ـ الاضطراري : هو الأمر المتعلّق بالفعل على تقدير طروء الاضطرار على العبد ، مثل : وجوب التيمّم حين عجزه عن استعمال الماء.
ج ـ الظاهري : هو الأمر المتعلّق بالفعل بملاحظة جهل المكلف بالواقع.
إذا عرفت هذا فاعلم :
انّه لا شكّ عندهم في كفاية إتيان المأمور به بالأمر الواقعي وإجزائه عن الإتيان به مرّة ثانية ؛ لأنّ وجوب الفعل إنّما هو بملاحظة المصلحة المودعة في الفعل (١) المقتضية لأمر المولى به ، فإذا أتى المكلّف به على الوجه الذي أراده المولى فلا جرم من حصول تلك المصلحة ، ويحصل
__________________
(١) هكذا على الألسن ، وقد ألمحنا إلى أنّه خلاف التحقيق.