وقد اجاب عن ذلك شيخنا الاستاذ ـ قده ـ بان المعاملات خارجة عن حريم الاسباب والمسببات ، وانما هى نظير الافعال التوليدية ، وما يتولد منها ـ كالاحراق والالقاء ـ وليس هاهنا وجودان احدهما للسبب ، والآخر للمسبب ، ليقال ان امضاء احدهما لا يستلزم امضاء الآخر ، بل ما يسمى بالسبب والمسبب ، ـ فى ابواب المعاملات ـ اشبه شىء بالادلة وذى الآلة ، والوجود واحد. فالبيع باللفظ العربى قسم ، وبغير العربى قسم أخر فاذا احله الشارع وحكم بالصحة فلا مانع من التمسك بالاطلاق بالاضافة الى الآلات. فيقال الشارع : أحل البيع مطلقا بأى آلة كان
والجواب عن ذلك ـ ظاهر : اذ لا فرق بين التعبير بالآلة ، وذى الآلة ، والسبب والمسبب ، والاشكال فيهما واحد. فان الشارع لو امضى ذى الآلة فذلك لا يلازم امضاء نفس الآلة. فالاختلاف بينهما ليس إلّا فى التعبير واما ما افاده قده من انه لا تعدد فى الوجود فما يسمى بالسبب متحد وجودا ـ مع ما يسمى بالمسبب ـ فلا يمكننا المساعدة عليه بوجه فان المسبب فى المعاملات من الموجودات الاعتبارية التى لا وجود لها فى غير عالم الاعتبار ، والسبب من الالفاظ او الافعال ، وهى من الموجودات الحقيقية فى الخارج فكيف يصح ان يقال انهما متحدان وجودا ، وامضاء احدهما هو بعينه امضاء الآخر؟
والظاهر ان هذا الاشكال يندفع ـ بما ذكرناه سابقا ـ فى معنى الانشاء حيث قلنا : انه عبارة عن ابراز اعتبار نفسانى بمبرز ما. فالمعتبر فيه شيئان : الاعتبار النفسانى ، وابرازه باللفظ ، او الكتابة ، او الاشارة ، او الفعل ، وعليه فالبيع وغيره من المعاملات ـ بالمعنى الاعم ـ اسم للمجموع. ولا يطلق على احدهما خاصة. فمن اطلق اللفظ من دون ان يعتبر فى نفسه