اخرى فى مقام الاثبات.
فلو امر المولى بشىء ، وكان فى مقام البيان وعلمنا عدم ارادته لجامع الارادة بين الشدة والضعف ، لان الارادة الشخصية لا بد وان تتصف اما بالشدة ، او الضعف فمع انتفاء القرينة على الارادة الضعيفة نستطيع ان نحمل كلامه على ارادة المرتبة الشديدة ونثبت بذلك ارادة الوجوب. هذا كله اذا كان فى مقام البيان ، واما اذا لم يكن فى مقام البيان وارسل خطابه نحو المكلفين فالمستفاد منه مجرد المحبوبية للفعل دون استفادة احد الامرين.
وقد اتضح من هذا ان صيغة الامر ليست موضوعة للوجوب ، بل موضوعة للطلب وقد استفيد الوجوب من مقدمات الحكمة.
والجواب عنه ـ اولا ـ ان الدليل المذكور ليس تاما على اطلاقه فان ملاك الشدة ، والضعف تزايد المصلحة فى الفعل وعدم تزايدها وهو فى الاوامر العرفية يعود نفعه الى نفس المولى ، واما فى الاوامر التشريعية ، او اوامر الطبيب فمصلحتها تعود الى البشر نفسه دون المولى وليس فى البين احتياج بالاضافة الى المولى ليكون الطلب متفاوتا تبعا لحاجته واذا انتفى شدة الطلب ، او ضعفه تعذّر الاخذ بالاطلاق ، والحمل على الوجوب. اذا فالدعوى ثابتة بنحو الموجبة الجزئية وهى لا تكفى فى اثبات المدعى.
ثانيا ـ لو فرض الاختلاف بين المرتبتين بالشدة ، والضعف لكن دعوى ان الارادة الشديدة لا تزيد على الارادة بشيء فهى ارادة صرفة بخلاف الارادة الضعيفة فانها زائدة على الارادة بصفة الضعف غير صحيحة ، وذلك لان كلا من الشدة ، والضعف ، او فقل كلا من الوجوب ، والندب محدد بحد خاص فالارادة الشديدة محدودة بحد ، وكذلك الارادة الضعيفة