«الامر الثالث» ان تصحيح الوضوء (مثلا) بالامر النفسى متوقف على الالتفات اليه حين الامتثال لتكون عبادة من جهته ، ولا ريب ان اغلب المكلفين لا يلتفتون الى هذه الجهة بل يأتون به بعنوان المقدمية للصلاة ، فلا بد من الالتزام ببطلان وضوء غالب الناس مع ان احدا لا يلتزم بذلك.
واما ما اجاب به صاحب الكفاية (قده) عن هذا الاشكال بان الامر الغيرى لا يدعو إلّا الى ما هو المقدمة والمفروض ان ما هو المقدمة عبارة عن الفعل المأمور به بالامر النفسى فيكون قصد امتثال هذا الامر النفسى حاصلا ضمنا وان لم يلتفت الى هذا القصد.
فيندفع بان قصد الامر النفسى اذا كان مقوما للمقدمية فكيف يمكن الالتزام بتحققها مع الغفلة عن الامر النفسى رأسا ، على انه لو صح ذلك لزم الحكم بصحة صلاة الظهر اذا اتى بها مقدمة لصلاة العصر مع الغفلة عن وجوبها فى نفسه وهو واضح البطلان ، وهذا الاشكال لا مدفع له ـ بناء على حصر عبادية الطهارات الثلاث باوامرها النفسية ـ بل ان لازم القول بذلك الحكم بطلان صلاة من لا يعتقد بالاستحباب النفسى للوضوء ، فانه اذا كان معتقدا بعدم الامر النفسى امتنع قصده لامتثاله ولو ارتكازا ومع عدم قصده يقع باطلا على الفرض فتبطل الصلاة معه ، مع انه لا يمكن الالتزام به.
وقد اجاب شيخنا الاستاذ (قده) عن اصل الاشكال بمنع حصر عبادية الطهارات الثلاث بالامر الغيرى ، والامر النفسى الاستحبابى ليرد الاشكال على كل منهما وادعى وجود صورة (ثالثة) يمكن ان تكون وجها لعبادية الطهارات الثلاث من دون محذور فى ذلك ، وهى انحلال الامر النفسى المتعلق بذى المقدمة الى اوامر نفسية ضمنية على جميع الاجزاء