النزاع ، وذلك فان نزاعنا ليس فى الوجوب العقلى بل هو فى الوجوب الشرعى ـ لما سبق منا فى بداية البحث ـ ان اللابدية العقلية لا يمكن انكارها ، وانما النزاع فى الوجوب الشرعى الكاشف عنه العقل ، ومن المعلوم ان الجهات التعليلية فى الاحكام الشرعية ليست جهات تقيدية ـ كما عرفت ـ فما جاء به (قده) لا ينطبق على مورد النزاع.
و (اما المقدمة الثانية) فلان القدرة التى تعتبر فى المأمور به (تارة) تكون قدرة شرعية كقوله تعالى ـ (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) الخ ـ بناء على ان معنى الاستطاعة هى القدرة ، وكقوله تعالى ـ (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ* فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً*) ـ فان ادراج هذه الامور فى سلسلة واحدة يعطى ان المراد من عدم الوجدان انما هو عدم القدرة على استعمال الماء ، فان المريض يوجد لديه الماء غالبا ولكنه لا يقدر على استعماله ، ومعنى هذا انه فى مورد عدم القدرة على الاستعمال ينقلب التكليف الى التيمم لعدم تحقق شرط الطهارة المائية وفى هذا القسم من الواجب لا ينكشف إلّا ان ما هو المقدور من الافراد هو الذى يشتمل على الملاك المقتضى لا يجابه ، واما غير المقدور منها فلا كاشف عن اشتماله على الملاك.
و (اخرى) تكون القدرة المعتبرة فى المأمور به عقلية ، وفى هذا القسم قد يكون المكلف عاجزا عن الامتثال بالمرة ولا بدّ معه من سقوط الحكم عنه ، وقد يكون عاجزا عن امتثال بعض الافراد دون بعض ـ كالصلاة ـ مثلا ـ فان المكلف ربما يتمكن من امتثالها فى بلده ، واما فى غير بلده من البلدان البعيدة عنه ، فهو غير قادر فعلا على اتيانها فيه وفى هذه الصورة لا موجب لتخصيص الخطاب شرعا بالافراد المقدورة بل