والبحث ـ فعلا ـ فى الدلالة الوضعية التى نشأت من جعل الواضع لفظا مخصوصا لمعنى مخصوص ، وهل هى نفس الدلالة التصورية التى لا تدور مدار ارادة المتكلم فلا تكون الدلالة الوضعية تابعة للارادة ، او هى الثانية التصديقية التى تتبع إرادة المتكلم فتكون الدلالة تابعة للارادة؟.
ذهب المشهور إلى الاول ـ كما ذهب الى ذلك المحقق النائينى (قده) ـ حيث قال : ولا يتفوّه عاقل من تبعية الدلالة للارادة ـ بينما ذهب الشيخ الرئيس ، وتبعه المحقق الطوسى الخواجة نصير الدين الى الثانى. وان الدلالة تتبع الارادة.
والصحيح ما ذهب إليه العلمان. والوجه فى ذلك : اننا ذكرنا سابقا فى حقيقة الوضع انه عبارة عن الالتزام والتعهد بانه متى ما عبر المتكلم بلفظ خاص فقد أراد به معنى مخصوصا وهذا الالتزام لا بد وأن يتعلق بامر اختيارى اذ للشخص ان يلتزم بهذا القرار ، وله أن لا يلتزم به. ولا ريب ان مجرد الانتقال من اللفظ إلى المعنى ـ كما هو مقتضى الدلالة التصورية ـ ليس بامر اختيارى كى ينطوى تحت قرار الشخص ، والتزامه. فلا مناص من ان يكون تعهده متعلقا بتفهيمه إرادة معنى خاص حينما يتكلم بلفظ مخصوص.
(وبعبارة أخرى) لو لا تعلق الحاجة بالتلفظ فى مقام إرادة تفهيم المعنى لما احتاج الشخص الى وضع الالفاظ. فدلالة اللفظ على المعنى إنما تكون فى مورد إرادة المتكلم تفهيمه ، ولازمه أن تكون الدلالة الوضعية تابعة للارادة. بل على فرض ان لا يكون الوضع من قبيل التعهد والالتزام فالدلالة الوضعية أيضا تتبع الارادة. لان الغاية التى تدعو الانسان الى الوضع هى قصد التفهيم والتفاهم لا غير. واذا كانت الغاية هى ـ ذلك ـ