الاستعمال فيها دائماً في المتلبس دون المنقضى ، بل لا يعقل فيها حال الانقضاء ، وهذا كما في قوله تعالى : (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) وقوله تعالى (السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) فان المقصود منهما ان كل شخص فرض متلبساً بالزنى ، أو السرقة فهو محكوم عليه بجلده ، أو بقطع يده ، فالمشتق في كلتا الآيتين استعمل في المتلبس ، وهو تمام الموضوع للحكم المذكور فيهما ، وقد ذكرناه غير مرة ان الموضوع في القضايا الحقيقية لا بد من أخذه مفروض الوجود في الخارج ، ومن هنا ترجع كل قضية حقيقية إلى قضية شرطية مقدمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت الحكم له ، فالموضوع في الآيتين كل إنسان فرض متلبساً بالزنى ، أو السرقة في الخارج ، فعنوان الزاني ، أو السارق مستعمل فيمن تلبس بالمبدإ ، غاية ما في الباب ان زمان القطع ، والجلد متأخر في الخارج عن زمن التلبس بأحد المبدأين المزبورين ، فانهما يتوقفان على ثبوت التلبس بأحدهما عند الحاكم بأحد الطرق المعتبرة كالبينة ، أو نحوها.
فقد تحصل ان الاستعمال في المنقضى في القضايا الحقيقية غير معقول ، بل يكون الاستعمال دائماً في المتلبس.
وعلى هذا الضوء يظهر فساد ما ذكره بعضهم من أن المشتق في الآيتين ، وما شاكلهما استعمل فيمن انقضى عنه المبدأ ، وفي ذلك دلالة على ان المشتق وضع للأعم ، كما انه يظهر بذلك انه لا وجه لما أفاده المحقق صاحب الكفاية ـ قده ـ في مقام الجواب عن هذا الاستدلال من أن الاستعمال فيها بلحاظ حال التلبس دون الانقضاء ، وذلك لما عرفت من أن حالة الانقضاء في أمثال المقام لا تتصور ، ليكون الاستعمال بلحاظ حال التلبس دونها. وهذا.
نظير قولك : (الجنب أو الحائض يجب عليهما الغسل) فان المراد بالجنب ، أو الحائض هو كل إنسان فرض متلبساً بالجنابة أو الحيض خارجاً فهو محكوم عليه بالغسل ، فعنوان الجنب ، أو الحائض قد استعمل فيمن تلبس بالمبدإ