أولا ان ذلك مجرد استبعاد ، ولا مانع من أن يكون استعمال اللفظ المعنى المجازي أكثر من استعماله في المعنى الحقيقي مع القرينة ، ولا محذور ذلك أبداً ، كيف فان باب المجاز أوسع وأبلغ من الاستعمال في المعنى الحقيقي ، ومن هنا تستعمل التشبيه. والكناية. والاستعارة. والمبالغة التي هي من أقسام لمجاز في كلمات الفصحاء والبلغاء أكثر من استعمالها في كلمات غيرهم ، والسر في كثرة الاستعمال في المعاني المجازية ان استعمال اللفظ في المعنى المناسب للمعنى الموضوع له حيث انه يجوز بأدنى مناسبة فلا محالة يتكثر بتكثر المناسبات على حسب اختلاف الموارد ومقتضياتها. ومن ثم لا يكون لذلك ضابط كلي ، فقد يكون الاستعمال في المعنى المجازي أكثر من الاستعمال في المعنى الحقيقي ، وقد يكون بالعكس ، وقد يكون لمعنى واحد حقيقي معان متعددة مجازية ، بل ربما تزداد المعاني المجازية بمرور الزمن.
وثانياً ان استعمال المشتق في موارد الانقضاء وان كان كثيراً ولا شبهة فيه ، لا انه لم يعلم ان هذه الاستعمالات بلحاظ حال الانقضاء ، بل الظاهر انها كانت لحاظ حال التلبس ، ولا إشكال في ان هذه الاستعمالات على هذا حقيقة ، فانها استعمالات في المتلبس واقعاً ، فإطلاق (ضارب عمرو) على «زيد» باعتبار زمان تلبسه به لا باعتبار اتصافه به فعلا .. وهكذا. إذاً فلا صغرى للكبرى المذكورة وهي ان كثرة استعمال اللفظ في المعنى المجازي لا تلائم حكمة الوضع ، فانه لا مجاز على هذا ليكون الاستعمال فيه أكثر.
والنتيجة ان الاستعمالات التي جاءت في كلمات الفصحاء في موارد الانقضاء ليس شيء منها بلحاظ حال الانقضاء ، بل ان جميعها بلحاظ حال التلبس فتكون حقيقة لا مجازاً.
ثم ان استعمال المشتق في المنقضى بلحاظ حال الانقضاء وان كان محتملا في القضايا الخارجية في الجملة ، إلا انه في القضايا الحقيقية غير محتمل ، فان