ولنفسه وبنفسه ـ يعنى أنه موجود قائم بذاته وليس بمعلول لغيره ـ فالكائنات التي يتشكل منها العالم بشتى ألوانها وأشكالها ، معلولة لوجوده ـ تعالى وتقدس ـ ، فانه سبب أعمق وإليه تنتهي سلسلة العلل والأسباب بشتى أشكالها وأنحائها.
(القسم الثاني) : وجود الجوهر ، وهو وجود في نفسه ولنفسه ولكن بغيره ـ يعنى أنه قائم بذاته لكنه معلول لغيره ـ ولذا يقال : الجوهر ما يوجد في نفسه لنفسه.
(القسم الثالث) : وجود العرض ، وهو وجود في نفسه ولغيره ـ يعنى أنه غير قائم بذاته بل متقوم بموضوع محقق في الخارج وصفة له ـ ، فان وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه ، فلا يعقل تحقق عرض ما بدون موضوع موجود في العين ؛ ولذا يقال : العرض ما يوجد في نفسه لغيره ، ويسمى ذلك الوجود بالوجود الرابطي في الاصطلاح.
(القسم الرابع) : الوجود الرابط في مقابل الوجود الرابطي ، وهو وجود لا في نفسه ، فان حقيقة الربط والنسبة ، لا توجد في الخارج إلا بتبع وجود المنتسبين من دون نفسية واستقلال لها أصلا ، فهي بذاتها متقومة بالطرفين لا في وجودها ، وهذا بخلاف العرض فان ذاته غير متقومة بموضوعه ؛ بل لزوم القيام به ذاتي وجوده.
وقد استدلوا على ذلك ـ أي على الوجود الرابط في مقابل الوجود الرابطي ـ : بأن كثيراً ما كنا نتيقن بوجود الجوهر والعرض ولكن نشك في ثبوت العرض له ، ومن الواضح جداً أنه لا يعقل أن يكون المتيقن بعينه هو المشكوك فيه ، بداهة استحالة تعلق صفة اليقين والشك بشيء في آن واحد ، لتضادهما غاية المضادة ، وبذلك نستدل على أن للربط والنسبة وجوداً في مقابل وجود الجوهر والعرض ، وهو مشكوك فيه دون وجودهما.
أما أن وجوده وجود لا في نفسه ، فلأن النسبة والربط لو وجدت في الخارج بوجود نفسي ، لزمه أن لا يكون مفاد القضية الحملية ثبوت شيء لشيء ، بل ثبوت