إن المعنى الحرفي مع كونه ملتفتاً إليه ، غير إخطاري لعدم استقلاله في عالم مفهوميته.
وأما ما ذكره ـ قده ـ خامساً من أن جميع ما يكون النّظر إليه آلياً يشبه المعاني الحرفية ، فيرد عليه :
أولا ما ذكرناه الآن من أن النّظر إلى المعنى الحرفي ، كالنظر إلى المعنى الاسمي استقلالي.
وثانياً : لو تنزلنا عن ذلك ، وسلمنا أن النّظر إليه آلي ، إلا أنه لا يكون ملاكا لحرفية المعنى ، كما أن اللحاظ الاستقلالي لا يكون ملاك الاسمية بل ملاك المعنى الحرفي التبعية الذاتيّة ، وأنها تعليقية محضة وملاك الثانية الاستقلالية الذاتيّة وأنها بحد ذاتها غير متقومة بالغير.
وبتعبير آخر : أنه على المبنى الصحيح كما بنى ـ قده ـ عليه من أن المعنى الحرفي والاسمي ، متباينان بالذات والحقيقة لا يدور المعنى الحرفي والاسمي بما هما كذلك مدار اللحاظ الآلي والاستقلالي ، بداهة أن المعنى حرفي وإن لوحظ استقلالا واسمي وإن لوحظ آلة ، لعدم كونهما متقومين بهما ليختلف باختلافهما.
(القول الثالث) : ما اختاره بعض مشايخنا المحققين ـ قدسسرهم ـ من أن المعاني الحرفية والمفاهيم الأدوية عبارة عن النسب والروابط الخارجية التي ليس لها استقلال بالذات بل هي عين الربط لا ذات له الربط.
وأفاد في وجه ذلك ما ملخصه : أن المعاني الحرفية ، تباين الاسمية ذاتاً بدون أن تشتركا في طبيعي معنى واحد ، فان الفرق بين الاسم والحرف لو كان بمجرد اللحاظ الآلي والاستقلالي ، وكانا متحدين في المعنى ، لكان قابلا لأن يوجد في الخارج على نحوين ، كما يوجد في الذهن كذلك ، مع أن المعاني الحرفية كأنحاء النسب والروابط لا توجد في الخارج إلا على نحو واحد ، وهو الوجود لا في نفسه.
وبيان ذلك أن الفلاسفة قد قسموا الوجود على أقسام أربعة :
(القسم الأول) : وجود الواجب ـ تعالى شأنه ـ. فان وجوده في نفسه