أما بحسب المادة فظاهر لأن معناها الطبيعي اللا بشرط وهي تستعمل في ذلك الطبيعي دائماً سواء كانت الهيئة الطارئة عليها تستعمل في مقام الاخبار أو الإنشاء.
واما بحسب الهيئة فلأنها تستعمل في نسبة إيجاد المادة إلى المتكلم في كلا المقامين غاية الأمر أن الداعي في مقام الإنشاء إنما هو إيجادها في الخارج وفي مقام الاخبار لحكاية عنها ؛ فالاختلاف بينهما في الداعي لا في المستعمل فيه.
وإن شئت قلت : إن العلقة الوضعيّة في أحدهما غير العلقة الوضعيّة في الثاني فانها قل الجمل الإنشائية تختص بما إذا قصد المتكلم إيجاد المعنى في الخارج ، وفي الجمل الخبرية تختص بما إذا قصد الحكاية عنه [١].
(أقول) : ما ذكره ـ قده ـ مبنى على ما هو المشهور بينهم ، بل المتسالم عليه من أن الجمل الخبرية موضوعة لثبوت النسبة في الخارج أو عدم ثبوتها فيه ، فان طابقت النسبة الكلامية النسبة الخارجية فصادقة وإلا فكاذبة ، وإن الجمل الإنشائية
__________________
[١] ـ وقد أورد عليه بعض الأعاظم ـ قده ـ على ما نسب إليه بعض مقرري بحثه : من أن لازم تقوم الإنشاء بقصد الإيجاد وتقوم الخبر بقصد الحكاية أن يكون الكلام الصادر من المتكلم إذا لم يقصد به أحد الأمرين لا إنشاء ولا خبراً. وهذا فاسد لانحصار الكلام الّذي يصح السكوت عليه فيهما وإن لم يكن قاصداً لأحدهما. هذا أولا.
وثانياً لزوم تعلق القصد بالقصد في مقام الإنشاء والإخبار ، لأنهما فعلان اختياريان محتاجان إلى القصد. والمفروض أن هنا قصداً سابقاً عليه مقوماً لهما فيلزم تعلقه به ، وهذا خلاف الوجدان والبرهان.
ولكن لا يمكن المساعدة عليه فلأن ما ذكره أولا يرد عليه أن الكلام المفيد الّذي يصح السكوت عليه لا ينفك عن قصد الحكاية أو الإنشاء كما هو ظاهر.
ويرد على ما ذكره ثانياً أنه مبنى على أخذ الإرادة في المعنى الموضوع له والمستعمل فيه ، ولكن الأمر ليس كذلك. فان المعنى الموضوع له على ما هو عليه من الإطلاق والسعة من دون تقييده بقصد الحكاية والإيجاد. بل هي مأخوذة في العلقة الوضعيّة بمعنى أنها تقيدت في الإنشاء بقصد الإيجاد في مقام الاستعمال ، وبقصد الحكاية في الاخبار.