وكأنه لعموم ما دل (١) على أنه « لا عمل إلا بنية » ونحوه ، فالأصل حينئذ يقتضي إيجابها لكل عمل ، بل ما شك في كونه عملا واحدا أو أعمالا متعددة ، بل لو لا الإجماع على عدم وجوب تجديدها في أجزاء العمل الواحد لكان المتجه ذلك فيه أيضا ، فكيف مع ظهور الأعمال المتعددة المستقلة في المقام كما يومي اليه تشبيه كل واحد منها بغسل الجنابة في النص والفتوى ، وما سيأتي من عدم سقوط بعضها عند تعذر الآخر ، ومع ذلك فهو الموافق للاحتياط.
لكن قد يدفع ذلك كله بظهور الأدلة في كونه عملا واحدا من حيث إطلاق اسم غسل الميت عليه ، وإشعار كثير من الأخبار به (٢) كالمشتملة على بيان كيفيته بعد السؤال عن غسل الميت ونحوها المشتملة على تعدد الأغسال وعدم ترتب الآثار إلا عليه جميعه ، ول قوله عليهالسلام في المستفيض (٣) بعد أن سئل عن الجنب إذا مات : « اغسله غسلا واحدا يجزى عن الجنابة والموت » إذ من المعلوم إرادة غسل الميت ، وعبر عنه بالوحدة ، ومن هنا قال في المختلف فيما يأتي : « عندنا أن غسل الميت غسل واحد وان اشتمل على ثلاثة أغسال » انتهى. فلعل الأقوى حينئذ ما ذكرناه ، ومن العجيب ما في جامع المقاصد من التخيير بين النية الواحدة والتثليث عملا بالامارتين الموجبتين للتعدد والاتحاد ، وفيه منع واضح ، بل هو كالمتدافع عند التأمل سيما مع تصريحه هنا بعدم جواز تجديد النية في أجزاء العمل الواحد ، كما هو الأقوى أيضا إن أريد بتجديدها إرادة التقرب بالجزء لنفسه لا من حيث الجزئية ، نعم لا يضر نية التقرب بالأجزاء من حيث الجزئية أو مع عدم قصد شيء من ذلك ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب مقدمة العبادات ـ حديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب غسل الميت.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب غسل الميت.