عبد الرحمن بن أبي عبد الله (١) بعد أن سأله عن الميت يكون عليه الشعر فيحلق عنه أو يقلم ظفره « لا يمس منه شيء ، اغسله وادفنه » وفي خبر أبي الجارود (٢) حيث سأل أبا جعفر عليهالسلام « عن الرجل يتوفى أتقلم أظافيره وينتف إبطه وتحلق عانته إن طال به المرض؟ فقال : لا » لقصورها عن إفادة الحرمة حتى المرسل ، وان أجراه الأصحاب في القبول مجرى الصحيح في غير المقام ، إلا أنك قد عرفت حكاية الإجماع منهم هنا على الكراهة ، فهو بالنسبة للحرمة لا جابر له.
لكن مع ذلك كله فقد يناقش فيه بمعارضة الإجماعين بمثلهما على الحرمة من الشيخ في الخلاف وابن زهرة في الغنية ، قال في الأول : « لا يجوز تقليم أظافير الميت ولا تنظيفها من الوسخ بالخلال ـ إلى أن قال بعد أن حكى عن الشافعي قوليه الإباحة والكراهة مفرعا على الثاني ـ : انه إذا قال : مكروه استحب تخليل الأظافير بأخلة تنظف ما تحتها ، دليلنا الإجماع المتردد ، ولأن الأصل براءة الذمة ، وإثبات ما قالوه مستحبا يحتاج إلى دليل وليس » إلى آخره. وقال أيضا : « مسألة لا يجوز تسريح لحيته كثيفة كانت أو خفيفة ، وبه قال أبو حنيفة ، وقال الشافعي : إن كانت كثيفة يستحب تسريحها ، دليلنا إجماع الفرقة » انتهى. وقال ابن زهرة في الغنية : « لا يجوز قص أظفاره ولا إزالة شيء من شعره بدليل الإجماع المشار اليه » انتهى. وقال في المنتهى : « قال علماؤنا لا يجوز قص شيء من شعر الميت ولا من ظفره ولا يسرح رأسه ولا لحيته ، ومتى سقط منه شيء جعل في أكفانه » انتهى. فلا مانع حينئذ من انجبار أخبار النهي بذلك سيما مع عدم ظهور لفظ الكراهة في الخبرين السابقين في المعنى المصطلح ، وعدم اشتمالهما على ترجيل الشعر أي تسريحه ، واحتمال إرادة مطلق المرجوحية من الكراهة في معقد إجماعي التذكرة والمعتبر كما عساه يلوح ذلك عند التأمل في عبارة الأول ، ومن ذلك كله نص
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب غسل الميت ـ حديث ٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب غسل الميت ـ حديث ٥.