قال الباقر عليهالسلام في صحيح زرارة (١) بعد أن سأله عن علة وضع الجريدة مع الميت : « يتجافى عنه العذاب والحساب ما دام العود رطبا ، انما العذاب والحساب كله في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر ويرجع القوم ، وانما جعلت السعفتان لذلك فلا يصيبه عذاب ولا حساب بعد جفوفهما إن شاء الله » ومنها يظهر المناقشة فيما ذكره جماعة من متأخري المتأخرين من استحباب وضع القطن على الجريدتين ناسبين له إلى الأصحاب ، وعللوه بالمحافظة على بقاء الرطوبة ، اللهم إلا أن يقال باستحبابه تعبدا لا لما ذكروه من العلة ، وهو حسن إن ثبتت النسبة إلى الأصحاب ، كما أنه يستفاد منه أيضا كصريح غيره من الأخبار ومعقد إجماعي الانتصار والخلاف وغيرهما اعتبار كونهما رطبتين أي خضراوين مضافا إلى قول أبي الحسن الأول عليهالسلام في خبر محمد بن علي بن عيسى (٢) بعد أن سأله عن السعفة اليابسة إذا قطعها بيده ، هل يجوز للميت أن توضع معه في حفرته؟ : « لا يجوز اليابس » بل عن العين والمحيط وتهذيب اللغة اعتبار الرطوبة في مفهوم الجريدة ، ولعله لمعلوميته أو لذا تركه المصنف وإن كان الأول بعيدا منافيا للإطلاق العرفي ، نعم قد يقال : إن خرط الخوص معتبر في مفهوم الجريدة وإلا سميت بالسعفة كما نص عليه في الروض ، مع أن الذي سمعته في الصحيح المتقدم ظاهر في الاجتزاء بالسعفة أيضا ، وإن كان الأحوط إن لم يكن أقوى الاقتصار على المخروطة.
ثم ان ظاهر الصحيح المتقدم كغيره من الأخبار (٣) عدم مشروعية الجريدة لمن يؤمن عليه من عذاب القبر ، فلا تشرع للصبي والمجنون وغيرهما ، لكن نص بعض المتأخرين على استحباب ذلك لكل ميت صبي وغيره ناسبا له إلى إطلاق الأخبار (٤)
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب التكفين ـ حديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب التكفين ـ حديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب التكفين.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب التكفين.