مستعملا في ذلك الوقت حتى يبالغ هذه المبالغة في النهي عنه ، على أن المراد بتجديدها بحسب الظاهر إنما هو ظاهرها ، وليس لظاهرها حالة سابقه معتد بها حتى ينهى من تجديدها لكراهة التجصيص والبناء عليها والتظليل ونحو ذلك ابتداء من دون تجديد ، بل وكذا التطيين بغير ترابها ، بل وبترابها إلا على قول ، فلا كراهة فيها فلم يكن ثم حالة كان عليها ينهى عن تجديدها ، اللهم إلا أن يقال : إنه لا ريب في تفاوت القبر الجديد لغيره بارتفاعه عن الأرض مثلا ، والعلامة والتطيين بطينه ونحو ذلك مما يفيد الناظر إليه أنه قبر جديد ، ومرجعه الحقيقي العرف أيضا ، فلا ينبغي إطلاق الكراهة ، إذ التجديد بهذا المعنى قد يكون محرما ، وهو ما إذا كان في الأرض المسبلة وقد اندرس الميت ، وكان ذلك المكان محتاجا إليه ، لسقوط حقه منه وتعلق حق غيره به ، فاللازم حينئذ تقييد الكراهة بما يحترز عن هذا وشبهه.
وأيضا هذا كله مضافا إلى ما ذكره المصنف في المعتبر من الطعن في سند هذه الرواية بضعف محمد بن سنان وأبي الجارود ، قال : « فالرواية ساقطة ، فلا ضرورة إلى التشاغل بتحقيق نقلها » وتبعه عليه في المدارك ، إلا أنه قد يدفع هذا بانجبارها بالشهرة المحكية إن لم تكن محصلة ، وبأن الحكم مكروه ، فلا يقدح فيه ذلك ، وبأن اشتغال الأفاضل مثل الصفار وسعد بن عبد الله وأحمد بن أبي عبد الله البرقي والصدوق والشيخين في تحقيق هذه اللفظة مؤذن بصحة هذا الحديث عندهم وإن كان طريقه ضعيفا كما في أحاديث كثيرة اشتهرت وعلم موردها وإن ضعف أسنادها ، كما أنه قد يدفع ما تقدم بأنه يكفي في ثبوت الكراهة كون ذلك أحد الأمور المذكورة ، سيما مع احتمال صحة ما ذكره أولئك الأفاضل جميعه ، وتعدد الرواية ، ولعله لذا قال في الدروس : ويكره تجديده بالجيم والحاء والخاء لكن ينبغي أن يقيد الأخير بما لا يستلزم النبش المحرم ، وإلا كان حراما لا مكروها ، إلا أن لنا في الاكتفاء بمثل هذه الاحتمالات في المندوبات