ولعله لذا وشبهه بالغ المحدث البحراني في حدائقه وأخوه في إحيائه في إنكار الوجوب الكفائي على سائر المكلفين ، بل هو مختص بالولي ، نعم لو امتنع الولي مع عدم التمكن من إجباره أو لم يكن ولي انتقل الحكم حينئذ إلى المسلمين بالأدلة العامة زاعما أن ذلك هو الظاهر من الأخبار المتقدمة التي تعرض فيها لذكر الولي ، مضافا الى ما عساه يشعر به زيادة على ذلك ما في رواية جابر عن أبي جعفر عليهالسلام (١) « يا معاشر الناس لا ألفين رجلا مات له ميت ليلا فانتظر به الصبح ، ولا مات له ميت نهارا فانتظر به الليل » وما في صحيحته عنه عليهالسلام (٢) أيضا « في المرأة تؤم النساء قال : لا إلا على الميت إذا لم يكن أحد أولى منها » وما في صحيحته الأخرى عن الصادق عليهالسلام (٣) أنه « سئل عن القبر كم يدخله؟ قال : ذلك إلى الولي إن شاء أدخل وترا وان شاء أدخل شفعا » إلى غير ذلك مما ظاهره توجيه الخطاب بذلك كله من الواجب والمستحب إلى الولي. ثم ان الأول منهما بالغ في إنكار ذلك غاية المبالغة ، حتى قال : إنه وإن اشتهر بينهم إلا أنه لا أعرف له دليلا يعتمد عليه ولا حديثا يرجع اليه ، كما أن الثاني تعجب من الأصحاب كيف جمعوا بين القول بذلك وبين القول بالأولوية المذكورة سيما في الغسل والصلاة مع تدافعهما.
لكنك خبير أن ذلك منهما في محل من الشذوذ بحيث لا يلتفت إليه بعد ما سمعت من الإجماع محصله ومنقوله على ذلك ، مضافا إلى ما يظهر من ملاحظة الأخبار أن مراد الشارع إبراز ذلك في الوجود الخارجي لأمن مباشر بعينه ، حتى من أخبار الولاية أيضا ، لتضمنها الاكتفاء بمن أمره الولي بذلك المشعر بعدم إرادة وقوعه من خصوص
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب الاحتضار ـ حديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجنائز ـ حديث ١ لكن رواه عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الدفن ـ حديث ١ لكن رواه عن زرارة.