وكونه فعل الشرع السابق قد عرفت دفعه ، كل ذا مع التأييد بما فيه من صلاح الميت ودفع الضرر عنه بمجاورته من هو أهل لجلبه ودفعه ، بل قد يتمسك بإطلاق ما دل على استحباب الدفن في أراضيهم وجوارهم الشامل لما بعد الدفن أيضا ، وهو إما خاص بالنسبة إلى حرمة النبش أو من وجه ، والترجيح له بما عرفت ، وبما نقل عن جملة من علمائنا أنهم دفنوا ثم نقلوا كالمفيد من داره بعد مدة إلى جوار الكاظمين عليهماالسلام والمرتضى من داره إلى جوار الحسين عليهالسلام ، والبهائي من أصبهان إلى المشهد الرضوي على مشرفه السلام ، وقد كان في مثل هذه الأوقات من الفضلاء ما لا يحصى عددهم إلا الله ، سيما في زمن المفيد والمرتضى مع شدة قربه أيضا لزمان الأئمة عليهمالسلام والمعاصرين للمعاصرين لهم.
وفيه أنه لا ينطبق على أصولنا ، إذ تقييد تلك الأدلة مع تعددها وتأيدها بمثل هذه الرواية المرسلة التي لا جابر لها ، بل عرفت عمل المشهور على خلافها ، بل ظاهر من أرسلها عدم الالتفات إليها في النهاية ، كما أنه في غيرها جعل العدم أفضل وأحوط ، وكذا الخبران الآخران ، مع إمكان اختصاصهما بمضمونهما ، وعدم القصد من النقل التعليم ، كما لعله الظاهر في خصوص المقام ، واحتمال تنزيل خبر نوح عليهالسلام على عدم النبش ، بل كان أخرجه الماء أو حذرا من إظهار الماء له فيخرج عن الدفن حينئذ ، وهو مناف لحرمة مثله إلى غير ذلك ، والعلم بأن ذلك صلاح للميت أو فساد مختص بعلام الغيوب ، فلعل في النبش مفسدة تقابل المصلحة وتفضل عليها ، بل عرفت أن الشيخ في المصباح صرح بأن الأفضل العدم ، فلا طريق لنا إلا التعبد بظاهر الأدلة ، ومن الغريب التمسك بما ذكر على استحباب الدفن في المشاهد ونحوها ، إذ هي بعد تسليم الترجيح لها على فرض العموم من وجه صريحة أو كالصريحة في غير المدفون لا فيه على أن ينبش فيدفن فيها ، كما هو واضح ، ونقل أولئك العلماء مع عدم ثبوته