ثانيها : وقفها دارا على معنى أنه ينتفع بها دارا ، والظاهر أنها وقف كذلك ما دامت صالحة لذلك ، وإن انهدمت نعم إذا خرجت عن قابلية ذلك على وجه لا يرجى عودها ، أمكن القول ببطلان وقفها.
ثالثها : وقف الدار على معنى تسبيل منفعتها كائنة ما كانت وإن قارن كونها دارا حال الوقف ، والظاهر بقاء وقفها ، بل يجوز تغييرها اختيارا.
رابعها : وقفها دارا وعلم إرادة دوام أصل الوقف منه ، فاتفق انهدامها ، والظاهر عدم جواز تغييرها اختيارا لكن إذا انهدمت جاز له الانتفاع بها على غير وجه الدارية ، إلا مع التصريح.
وقد ذكرنا تفصيل بعض ذلك في كتاب البيع في مسألة بيع الوقف إذا أدى بقاؤه إلى خرابه ومن ملاحظته يعلم الحال فيما لو وقع بين الموقوف عليهم خلف بحيث يخشى خرابه وإن قال المصنف هنا جاز بيعه جاز ما به ، إلا أن المسألة شديدة الإشكال والاختلاف ، وقد استقصينا الكلام فيها هناك بحمد الله تعالى شأنه وكذا فيما لو لم يقع خلف بينهم ولا يخشى خرابه ، بل كان البيع أنفع لهم وإن قيل : أنه يجوز بيعه حينئذ في ذلك ولكن الوجه المنع كما ذكرنا الكلام فيه مفصلا ومنه يعلم الحكم أيضا فيما لو انقلعت نخلة من الوقف وإن قال المصنف هنا قيل : والقائل الشيخ في محكي مبسوطة ونهايته يجوز بيعها لتعذر الانتفاع إلا بالبيع وقيل : والقائل ابن إدريس لا يجوز لإمكان الانتفاع بالإجارة للتسقيف وشبهه وهو أشبه وفي المختلف أن النزاع بينهما لفظي ، لأن الشيخ فرض عدم الانتفاع إلا بالبيع ، وابن إدريس فرضه بالتسقيف ونحوه.
قلت : عبارة الخلاف لأنه لا يمكن الانتفاع بها إلا على هذا الوجه ، لأن الوجه الذي شرطه الواقف قد بطل ، ولا يرجى عوده ، وعبارة المبسوط جاز بيعها لأرباب الوقف لأنه تعذر الانتفاع بها على الوجه الذي شرطه ، وهو أخذ ثمرتها ، وظاهر هما بطلان الوقفية المقتضية لحبس العين وعدم جواز بيعها ، ببطلان المنفعة التي وقفت العين أى حبست العين عن النوافل ،