عن التذكرة والمسالك من أن الهبة أعم من الصدقة ، لاشتراطها بالقربة دونها ، وأن الهدية أخص من الهبة أيضا لأنها تفتقر إلى حمل الهدى من مكان إلى مكان ، فلا يقال : أهدي إليه دار أو عقارا ، بل يقال : وهبة ذلك ، فلو نذر الهبة بريء بالصدقة والهدية ، ولو حلف أن لا يهب حنث إذا تصدق أو أهدى ، دون العكس ، وهل يعتبر في حد الهدية أن يكون بين المهدي والمهدي إليه واسطة أو رسول وجهان : أظهرها العدم وهو جيد ، إلا أنك ستعرف أنه أعم منه من وجه.
وعلى كل حال فـ ( هي عقد يفتقر إلى إيجاب وقبول ) بلا خلاف محقق أجده فيه ، بل عن ظاهر المبسوط وفقه الراوندي والغنية والكفاية والمفاتيح الإجماع عليه ، بل صريح بعض وظاهر آخر اعتبار ما يعتبر في العقد اللازم فيها.
لكن في الرياض يعتبر فيها ما يدل على الإيجاب والقبول ولو فعلا ، وفاقا لبعض أصحابنا خلاف لجماعة فاشترطوا فيها ما يشترط في العقود اللازمة ، وإطلاق النصوص بلزوم الصدقة بعد القبض وقصد القربة يدفعه ، وهي وإن اشتملت ما ليس فيه إيجاب وقبول بالمرة ، إلا أن اعتبارهما ولو فعلا لازم البتة ، فإن مع عدمها لا يعلم كونها صدقة مضافا إلى عدم انصراف الإطلاق بحكم التبادر إلى خلافهما ، هذا مضافا إلى الاتفاق في الظاهر على اعتبارهما الجملة ، وسيأتي عن المبسوط أن عليه إجماع الإمامية ، وفيه أن ما ذكرها أيضا مناف للمتفق عليه في الظاهر من كونها عقدا بالمعنى المتعارف الذي قد عبروا به في غيرها من العقود ، ومن المعلوم عدم تحققه اصطلاحا بالإيجاب الفعلي كما أن من المعلوم تحقق الصدقة بالأفعال ، ولو من الطرفين ، فلا محيص عن التزام أن لها عقدا أو معاطاة على نحو ما سمعته في البيع ، بل كان ينبغي التزام الجواز في الثاني وإن اندرج تحت اسم الصدقة على نحو اندراجها في اسم البيع ، إلا أن ظاهر قوله في نصوص المقام « أن ما كان لله تعالى لا رجوع فيه » يقتضي لزومها ، ضرورة استبعاد حمله على خصوص العقد منها ، كاستبعاد القول بجوازها وإن قصد الله تعالى شأنه فيها ، باعتبار عدم العقد فيها ، فيتعين القول بلزومها وإن كانت معاطاة ، إذ هو جهة غير جهة العقدية والمعاطاتية ، والمتفق عليه في باب المعاطاة من الفرق بين العقد اللازم ومعاطاته بالجواز