إخراج فاقده أصلا وهو المبهم المحض وبالجملة إن لم يكن إجماعا فالقول بالصحة لا يخلو من وجه خصوصا على المختار عندنا من صحة وقف المشاع المنافي لدعوى التشخيص ، ولتحقق الحبس والتسبيل فعلا في أحدهما كالوصية به لشخص والجهل بعينه لا يقدح بعد عدم اعتبار المعلومية فيه كالبيع والإجارة ، فتأمل جيدا فإنه قد تكون المسألة مبنية على جواز ملك الكلي في الخارج بدون الإشاعة بناء على أن الموقوف ملك للموقوف عليه ، وقد تقدم الكلام فيها في كتاب البيع وغيره ، والله العالم.
وأما عدم صحة وقف المنفعة فلعدم تصور الحبس فيها ، ضرورة كونها مبنية على الاستيفاء شيئا فشيئا ، ودعوى ـ عدم اعتبار أصل التحبيس في الوقف ، بل يكفى فيه تسبيل المنفعة كما عن أبي الصلاح ـ يدفعها ظهور النص والفتوى بخلافه بل يمكن دعوى ضرورة المذهب أو الدين على ذلك ، نعم نحو ذلك يشرع في السكنى والرقبى والعمرى ، وهي غير الوقف كما هو واضح.
وكيف كان فلا إشكال كما لا خلاف بيننا في أنه يصح وقف العقار والثياب والأثاث والآلات المباحة ونحو ذلك مما ضابطه كلما يصح الانتفاع به منفعة محللة مع بقاء عينه لا كمنفعة أعيان الملاهي ونحوها ، ولا ما لا منفعة له أصلا ، أو لا منفعة له إلا بإتلاف عينه ، كالطعام والشمع ونحوهما ، بلا خلاف أجده في شيء من ذلك بيننا ، بل الإجماع بقسميه عليه ، لإطلاق الأدلة وخصوصها في بعض.
نعم عن أبي حنيفة عدم جوازه في الحيوانات والكتب ، بل عن مالك في مطلق المنقول ، وعن أبي يوسف عدم جوازه إلا في الأرض والدور ، والكراع ، والسلاح ، والغلمان تبعا للضيعة ، إلا أنها كما ترى مخالفة للنصوص من طرقنا ، وطرقها عموما وخصوصا ، والإجماع والسيرة المستمرة في وقف الحصير والقناديل والزوالى ونحوها.