ودعوى ـ أن المراد بالمسابقة امتحان الفرس ، لا الفارس وبذلك افترق عن المراماة وانفسخت بموت الفرس ـ واضحة المنع كوضوح فساد أصل الحكم ، خصوصا بعد ملاحظة قصور الوارث عن ذلك ، لكونه طفلا أو أنثى أو نحو ذلك ، ودعوى استنابة غيرهم في ذلك كما ترى ، وبذلك كله بأن لك بحمد الله تعالى الحال في جميع أطراف المسألة.
وكيف كان فلا خلاف ولا إشكال في أنه يصح أن يكون العوض عينا أو دينا على حسب غيره من المعاملات لإطلاق الأدلة وعمومها ، وخصوص « ما وقع من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) من بذل النخلات والأواقي من الفضة. » نعم ستعرف فيما يأتي أنه يعتبر في ملكه ـ العمل على وجه يكون جزء السبب ، فلا يصح ضمانه لو كان دينا قبله ولا الرهن عليه ـ أولا يعتبر ذلك ، وإنما هو شرط كاشف والسبب العقد ، وإن أطلق في المسالك هنا ضمانة والرهن عليه والأمر سهل.
وإذا بذل السبق غير المتسابقين صح إجماعا من المسلمين ـ إذا كان الإمام ومطلقا ـ من المؤمنين ، خلافا لبعض العامة فخص جوازه بالإمام ، لأنه له النظر في الجهاد ، وضعفه واضح ، إذ هو ومقدماته مرغب فيه مطلقا.
وإذا بذله أحدهما أو هما صح عندنا ، ولو لم يدخل بينهما محلل خلافا لبعض العامة ـ أيضا ، فلم يجوزه من أحدهما خاصة ، معللا له بأنه قمار ، وهو كالاجتهاد في مقابلة النص الذي منه الإطلاق والعموم ولابن الجنيد فلم يجوزه منهما من دون دخول محلل ، لخبر عامي لا يصلح لمعارضة إطلاق الأدلة وعمومها.
ولو بذله الإمام من بيت المال جاز بلا خلاف ولا إشكال لأن فيه مصلحة للإسلام والمسلمين ، وهي مصرفه ولو جعلا السبق للمحمل بانفراده إذا سبق جاز أيضا لإطلاق الأدلة وعمومها ، فلا يستحق أحدهم شيئا إذا سبق بل يكون السبق لباذله ، لعدم حصول السبق ممن بذل له ، وكذا لو سبق أحدهما والمحلل إذا كان الشرط سبق المحلل لهما نعم لو كان الشرط سبقه ولو لأحدهما استحق حينئذ.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب أحكام السبق والرماية.