أما إن سبق اثنان منهم ففي المتن وعن جماعة كانت الخمسة لهما بالنصف دون الباقين وكذا لو سبق ثلاثة أو أربعة بالثلث أو الربع موزعة على الرءوس ، لظهور كون المراد بذل الخمسة لا غير لمن حصل له الوصف المزبور متحدا أو متعددا ، خصوصا مع تشخصها ، بل مع فرض منع الظهور بلا إشكال في الاحتمال والأصل براءة الذمة من وجوب دفع الزائد ، فيقتسمها السابقون.
وقيل : يستحق كل واحد منهم خمسة ، واختاره في جامع المقاصد ، وتبعه في المسالك ، لأن ( من ) للعموم الذي هو بمعنى كل فرد ، بل الحكم في جميع القضايا الكلية كذلك ، على أن لفظ ( من ) مفرد ، بدليل عود الضمير إليها كذلك فهي بمعنى أي فرد ، ولأن العوض في مقابل السبق وقد وقع من كل واحد ، فيستحق كل منهم كمال العوض وقد صرح المصنف والفاضل في كتاب الجعالة باستحقاق كل واحد الدراهم في نحو قوله من دخل داري فله درهم فدخلها جماعة لأن كل واحد منهم قد دخل دخولا كاملا ، ولا يقدح في ذلك عدم معرفة العوض حينئذ لعدم معرفة السابقين ، لأن المعتبر العلم بأصل القدر في الجملة ولذا جاز من سبق فله كذا ، ومن صلى فله كذا.
وقد يناقش بأن مقتضى عموم الإفراد الذي هو بمعنى ، لكل واحد سابق ، عدم استحقاق واحد منهم شيئا مع التعدد ، ضرورة عدم صدق الواحد السابق على الجميع عليه ، وقد اتفق القولان على عدمه ، فليس المراد حينئذ إلا العموم في ( من ) باعتبار الصلة الذي هو بمعنى كل سابق ، الشامل للمتحد والمتعدد ، إما لدعوى ظهوره في ذلك ، أو لأنه كذلك بعد انتفاء الأول ، وهذا لا يتم إلا بملاحظة كون السابق المجموع ضرورة كونه هو الذي تحقق فيه السبق المطلق بخلاف كل فرد ، فإنما المتحقق فيه مطلق السبق الشامل للإضافى الذي تحقق صدق السبق معه ليس بأولى من صدق عدمه ، بخلاف المجموع ، فإنه يصدق اسم السبق المطلق عليه ، ولا يصح عدم صدق السبق عليه ، وبذلك افترق ما نحن فيه عن نحو من دخل داري ، وكان نحو من رد عبد وقد اشترك في رده جماعة ، وصح كلام الشيخ والمصنف والفاضل فتأمل جيدا فإنه دقيق نافع.