ومنه يظهر لك الوجه فيما ذكره المصنف فيما لو قال : من سبق فله درهمان ومن صلى فله درهم حيث قال فلو سبق واحد أو اثنان ، أو أربعة فلهم الدرهمان ولو سبق واحد ، وصلى ثلاثة وتأخر واحد كان للسابق درهمان ، وللثلاثة درهم ، ولا شيء للمتأخر ولو سبق ثلاثة مثلا وصلى واحد وتأخر واحد كان الدرهمان للثلاثة وللمصلي درهم ، ولا شيء للمتأخر ، إذ ذاك كله مبني على ما عرفت ، وحينئذ يكون للمصلي أكثر من السابق في الفرض الأخير.
ومن هنا قال في المسالك تبعا لجامع المقاصد : « هو خلاف الأمر المعتبر في العقد ، فإنه يشترط فيه أن يجعل للسابق أزيد مما يجعل للمصلي ، فلو ساوى بينهما لم يصح ، فما زاد أولى » ومن ثم احتمل البطلان هنا لفوات الغرض ثم قال : ورد بأن استحقاق الزيادة باعتبار التفرد بالوصف ، لا باعتبار جعل الفاضل للمتأخر ، وفيه نظر لمنافاة الغرض المقصود على التقديرين وعلى ما اخترناه من استحقاق كل واحد من السابقين القدر المعين حينئذ يرتفع الإشكال ، لأنه لا يتحقق معه مساواة المصلي للسابق فضلا عن رجحانه عليه ».
قلت : قد عرفت سابقا ما في أصل اشتراط زيادة السابق ، على أنه بناء على ما ذكرناه لا إشكال أيضا ، إذ هو المجموع لا كل واحد فهو أكثر من المصلي.
المسألة الثانية : لو كان المتراهنان اثنين مثلا وأخرج كل واحد منهما سبقا وأدخلا محللا ، وقالا : أي الثلاثة سبق فله السبقان ، فإن سبق أحد المستبقين كان السبقان له بلا خلاف ولا إشكال على ما اخترناه من جواز جميع صور بذلك السبق.
وكذا لو سبق المحلل لحصول الوصف فيه ولو سبق المستبقان كان لكل واحد منهما مال نفسه ، ولا شيء للمحلل لكن قد يشكل بأنه بناء على ما ذكرناه سابقا يشتركان في المالين ، لا أنه يكون لكل واحد منهما مال نفسه ، وقد يدفع بأن المعهود من عوض السبق إذا كان من المتسابقين أن يبذله المسبوق إذا سبق ولم يسبق في الفرض أحدهما ، فلا وجه لأخذ العوض منه مع كونه سابقا.