ورجوعا عنها عرفا ، بل الظاهر ذلك حتى لو كان ناسيا للأولى وذاهلا كما عرفته فيما تقدم ، بخلاف ما إذا لم تكن مضادة ، فإنه يعمل بهما أيضا فيما لو أوصى بثلث ماله مثلا لزيد ، ثم أوصى بثلث ماله لعمرو ، أنه من المتضادين أولا ، فلاحظ وتأمل.
ولو أوصى بحمل دابة مثلا فجاءت به لأقل من ستة أشهر الذي هو أقل الحمل شرعا صحت الوصية به لظهور وجوده حال الوصية ، وإن لم يكن ذلك معتبرا فيه ، لصحة الوصية بما تحمله الأمة ، لكن المفروض في الوصية المزبورة إرادة الحمل الموجود فعلا وقد انكشف بولادته لدون الستة أنه كذلك ، فتصح بخلاف ما لو كان قد جائت به لعشرة أشهر من حين الوصية أي بعدها ، بناء على أنها هي أقصى الحمل ، فإنه يعلم بذلك عدم وجوده حال الوصية التي قد عرفت فرض بطلانها بذلك ، فـ ( لم تصح و ) أما إن جاءت به لمدة بين الستة والعشرة وكانت خالية من مولى وزوج بأن فارقها من يباح له وطؤها حكم به للموصى له لمعلومية سبق وجوده على الوصية ، إذا احتمال تجدده منتف بفرض المفارقة وأصالة عدم وطئ غير الوطء السابق ، وظهور حال المسلمة في عدم الزنا وغيره.
ومن هنا لو كان لها زوج أو مولى ، لم يحكم به للموصى له ، لاحتمال توهم الحمل في حال الوصية وتجدده بعدها فلم يعلم حينئذ بوجوده قبلها ، والشك في ذلك شك في صحتها ، فتبقى أصالة بقاء المال بحالها ، هذا.
ولكن قد يناقش هنا بأن الأصل عدم وطئ آخر تجدد منه الحمل ، ووجود الفراش أعم من ذلك ، مضافا إلى أن الظاهر بملاحظة الغلبة العادية التولد من الوطء الأول فيما بين الأقصى والأقل ، بل هي المرجع في الحيوان غير الإنسان الذي لم يقدر الشارع لأقل الحمل منه ، وأقصاه مدة معلومة ، وإن اختلف باختلاف أجناسه ، فان للغنم مقدارا معلوما عادة ، وللبقر مقدارا زائدا ، وهكذا ، ولا فرق بين الإنسان والحيوان في ذلك قال في المسالك هنا : « إن المسألة من باب تعارض الأصل والظاهر ، فلو رجح مرجح الظاهر عليه ، في بعض مواردها كما يتفق في نظائره ، لم يكن بعيدا إن لم ينعقد الإجماع على خلافه ، وكيف كان فلا خروج عما