يشكل ذلك بأنها ونحوها ليست من تركة الميت ، ولا من أملاكه ، بل هي نماء التركة التي يملكها الوارث بالموت ، ولذا لم تقض ديونه منها ، لأنه يدفعه بأنها تكون للوارث ، إذا لم يوص بها الميت ، وإلا خرجت ، ضرورة أنه للمالك الموصى التسليط عليها ، باعتبار ملكه العين وقد استفاضت النصوص (١) أنه أحق بماله ما دامت الروح فيه ، فيصنع به ما شاء ولذلك كان له إجارة الأعيان ، وبيع نمائها مدة تزيد على عمره ، على أنه لو سلم عدم كونها من أعيان التركة ، ولا من توابعها ، إلا أن لها كمال المدخلية في قيمتها ، بل هي في الحقيقة عبارة عنها ، فإذا فرض أنه أوصى بالمنافع المتجددة ، فقد نقص الأعيان على الوارث فيضمنه في ثلثه ، لأن كل نقص يدخل على الوارث بسبب وصية الموصى يدخل على الثلث.
إنما الكلام في طريق معرفة ذلك ، وهو في المدة المنقطعة واضح ، ضرورة تقويم العين مسلوبة المنفعة تلك المدة وغير مسلوبتها ، وينظر التفاوت ، ويخرج من الثلث.
أما المؤبدة فللأصحاب طرق ثلاثة في ذلك ، أحدها تقويم العين بتمامها على الموصى له ، واحتساب ذلك من الثلث ، لعدم قيمة لها مسلوبة المنفعة ، ولتعذر معرفة المؤبدة بغير ذلك ، ولدوام الحيلولة بين الوارث والعين ، وهو بمنزلة الإتلاف ، ولذا ضمن به الغاصب جميع القيمة ، فليس إلا الطريق المزبور ، وإن كانت العين على ملك الوارث ، ويضعف بأن ذلك لا يخرج العين عن التقويم أصلا ، فإنه لا بد أن تبقى لها منفعة تعود إلى الوارث كالعتق في العبد ، وأكل اللحم في الشاة لو أشرفت على الموت فذبحت نحو ذلك ، وفرق واضح بين الموصى له الذي هو كالمستأجر ، والغاصب الآخذ باليد العادية مع إمكان الالتزام به أيضا مدة معينة.
نعم لو فرض أن لا نفع في العين أصلا على وجه لا قيمة لها مسلوبة المنافع اتجه ذلك ، لكنه فرض نادر ، بل ليس مفروض البحث ، ومن ذلك يظهر أن المتجه القول الثاني الذي هو تقويم العين مسلوبة المنافع الموصى بها ، وإن قلت القيمة وتقويمها غير مسلوبة ، وينظر التفاوت ، ويخرج من الثلث ، لكون العين للوارث وله بعض المنافع فيها من حيث الملك ، وبذلك تكون
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب أحكام الوصايا.