في أنه مع الضرورة وعدم عدول المسلمين ، تقبل شهادة أهل الذمة خاصة في الأولى منها ، بل عن فخر الدين وظاهر الغنية وصريح الصيمري الإجماع عليه ، وهو الحجة بعد الكتاب (١) والمعتبر المستفيضة التي من كثير منها يعلم اشتراط قبول شهادتهم بالضرورة ، واختصاص هذا الحكم بأهل الذمة خاصة فيقيد به حينئذ ، وبالإجماع إطلاق الكتاب وما شابهه من السنة.
نعم في خبر يحيى بن محمد (٢) عن الصادق عليهالسلام « فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سن فيهم سنة أهل الكتاب في الجزية » ونحوه المضمر (٣) قال : « اللذان منكم مسلمان ، واللذان من غيركم من أهل الكتاب ، فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : سنوا بهم سنة أهل الكتاب ، وذلك إذا مات الرجل بأرض غربة فلم يجد مسلمين يشهدهما ، فرجلان من أهل الكتاب » إلا أنى لم أجد عاملا به من الأصحاب ، فلا يصلح للخروج عما دل على اعتبار العدالة بالمعنى الأخص في الشاهد.
اللهم إلا أن يدعى اندراجهم في إطلاق الأصحاب ، أهل الذمة وأهل الكتاب ، بناء على أنهم منهم ، لكن الظاهر المنساق خلافه ، فالمتجه عدم قبول شهادتهم ، كما أن المتجه قصر الحكم في خصوص المقام ، اقتصارا فيما خالف المعلوم من قوانين الشرع وقواعده على المتيقن ، فما عساه يظهر من تعليل قبول شهادتهم في غير واحد من نصوص المقام (٤) بأنه لا يصلح ذهاب حق أحد من التعميم لا محيص من الخروج عنه ، لما عرفت ، بل قد يقال : بعدم قبول شهادة أهل الذمة حال عدم العلم بتحقيق الضرورة التي هي شرط ذلك ، لظاهر جملة من النصوص والفتاوى واقتصارا على المتيقن فيما خالف الأصل ، والشك في الشرط شك في المشروط.
اللهم إلا أن يقال : إن المراد مما في النص والفتوى بيان المانعية ، وإن برز بصورة الشرط ،
__________________
(١) سورة المائدة الآية ـ ١٠٦.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٦ ـ وذيله.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٦ ـ وذيله.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا.