وإلا بطلت فائدة مشروعية هذا الحكم غالبا المستفادة من النصوص أيضا ضرورة ندرة معرفة الاضطرار للموصي على وجه يعلم به ذلك شرعا فيتجه حينئذ القول بقبول شهادتهم ما لم يعلم التمكن من غيرهم ، بل لعله هو مقتضى إطلاق الآية (١) وبعض النصوص أيضا ، وهو قوى متين.
وعلى كل حال ، فالظاهر أن التمكن من المسلمين الفاسقين ولو بغير الجناية ـ والكذب كعدمه ، لعدم قبول شهادتهم ، ولو في حال الاضطرار ، والقياس على ما ثبت من قبول أهل الذمة محرم ، لعدم إحاطة العقل بمصالح ذلك ومفاسده ، بل ولا المجهولين أيضا بل ولا العدل الواحد وإن أمكن التوصى به إلى إثبات الحق مع اليمين من الموصى له إلا أنه لم يعلم إمكانها منه ، لاحتمال عدم علمه ، بل ومع علمه ، لإمكان تحاشيه بل وإن لم يتحاش.
لكن ظاهر النصوص تحقق الضرورة بفقد العدلين ، بل الظاهر تحققها وان تمكن من النساء الثلاثة التي يثبت بها ثلاثة أرباع الموصى به ، فضلا على الاثنين والواحدة لظهور النصوص في أن المدار في قبولها على عدم التمكن مما يثبت به تمام المطلوب من المسلمين ، وهو متحقق في الفرض فلا يقال : أنه مضطر في مقدار الربع خاصة ، كما أنه لا يقال : أنه متمكن بالمرأة الواحدة.
باعتبار تمكنه من اشهادها على ما يزيد على مطلوبه بثلاثة أرباع ، وهكذا في الاثنتين ، فإن مثله لا يعد تمكنا كما لا يخفى على من تأمل النصوص والظاهر أنه لا يجوز للمرأة العالمة بقدر الموصى به ، وأنه لا شريك لها في الشهادة تضعيف المشهور به على وجه يصلح للموصى له ، مقدار ما أوصى به له ، للكذب المحرم الذي مثل ذلك لا يعد مصلحة لتسويغه ، لعدم الظلم بمنع ما لم يثبت شرعا كونه له ، وإن كان في الواقع أنه له.
ثم إن الظاهر اعتبار العدالة في أهل الذمة في دينهم ، وفاقا لصريح جماعة وظاهر آخرين ، اقتصارا على المتيقن وللتصريح به في خبر حمزة بن حمران (٢) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته عن قول الله عز وجل ( ذَوا عَدْلٍ ) الى آخر الآية قال : اللذان منكم مسلمان ،
__________________
(١) سورة المائدة الآية ـ ١٠٦.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٧.