بالصحيحة الجامعة للشرائط التي منها الإسلام ، ودعوى الاتفاق على الصحة من الكافر في وقفه الجامع يقتضي ما أشرنا إليه من عدم اعتبار نية القربة فيه ، وإلا لم يكف القصد المزبور ، ضرورة شرطية الإسلام في صحة عباداتهم الجامعة للشرائط ، فضلا عن محل الفرض الذي ليس موضوع عبادة في الواقع ، والمذهب على اشتراكهم معنا في الفروع ولعل ذلك هو مراد المصنف كما وقع له في العتق ، بل كذلك الكلام في الوقف من فرق المسلمين المخالفة للحق ، فإنه باطل على اعتبار القربة لمعلومية اشتراط الإيمان في صحة العبادة ».
وأما الوقف عليهم فالظاهر جوازه لنحو ما سمعته في الوقف على الذمي ، إلا ما كان ملحقا منهم بالحربي كالخوارج والغلاة والنواصب ونحوهم مما لم يثبت شرعية الوقف عليهم إن لم يكن الثابت من الأدلة خلافه ، وهو معنى آخر غير اشتراط القربة ، وعليه يتفرع عدم جواز الوقف على الفاسق من حيث كونه كذلك ، وكذا الكافر والمخالف على وجه لا يكون من الإعانة على الإثم ، فليس حينئذ إلا اعتبار مشروعية جهة الوقف في الصحة فتأمل جيدا ، فإنه دقيق نافع ، ومما ذكرنا يعلم وجه الصحة في وقف الكافر على بيوت النيران وقرابين الشمس والكواكب كما هو المحكي عن المقنعة والمهذب والكافي والوسيلة والسرائر والدروس والمقتصر ، بل وظاهر النهاية والجامع ، إذ هي إما أن يراد منها الصحة الإقرارية إن كانوا ممن يقرون على ذلك ، نحو قولهم بصحة وقف الذمي الخنزير على مثله ، أو مبني على عدم اعتبار نية القربة في الوقف ، بل وعلى عدم اعتبار مشروعية الجهة في الوقف في الواقع ، لكن عن المختلف والتنقيح التصريح بعدم صحة ذلك ، وهو مبني على إرادة الصحة الواقعية لا الإقرارية ، وأن القربة معتبرة فيها أو مشروعية الجهة والله العالم.
والمسلم إذا وقف على الفقراء انصرف عرفا إلى إرادة فقراء المسلمين دون غيرهم وإن كان اللفظ جميعا معرفا ، ومقتضاه الاستغراق ، إلا أن شهادة الحال عرفا تكفي في تخصيصه ومن هنا لو وقف الكافر كذلك بأن جعل عنوان وقفه الفقراء انصرف إلى فقراء نحلته أيضا لما عرفت بلا خلاف أجده فيهما ، وليس هو من الحقيقة العرفية حتى يبني على مسألة تقديمها على اللغوية أو بالعكس كما توهم ، بل