هو من القرينة على إرادة الاختصاص ، بل الظاهر قيامها على إرادة فقراء أهل مذهبه ، لا غيرهم كما اعترف به بعضهم ، بل يمكن إرادة الأكثر له ، وإن أطلقوا ، إلا أنه كان بصدد بيان عدم دخول فقراء الكافرين من حيث كون الواقف مسلما ، من المحققين كان أو المبطلين ، أما لو فرض كونه إماميا فشاهد هذا الحال الذي ذكرناه بنفسه قائم أيضا على إرادة الفقراء من الإمامية دون غيرهم ، وهكذا إلا مع القرينة الدالة على إرادة خلاف قرينة الإطلاق ، وكذا لو جعل العنوان فقراء بلد أو بلد مخصوص.
نعم لو لم يكن في البلد إلا فقراء غير مذهبه ، وكان عالما بذلك أتجه حينئذ الصرف إليهم للقرينة ، أما إذا لم يكن عالما فلا يبعد بطلان الوقف لعدم الموقوف عليه خلافا لما في المسالك من أن الأولى الصحة عملا بالعموم المتناول للموجودين وحملا للوقف على الوجه الصحيح ، وفيه ما لا يخفى بعد فرض انصراف الإطلاق إلى ما ذكرناه وعدم القرينة إلى غيره.
ولو وقف على المسلمين انصرف إلى من صلى إلى القبلة كما عن الأكثر ، بل المشهور ، وهي الكعبة المشرفة ، أي تدين بالصلاة إليها وإن لم يفعل ، خلافا لما عن المفيد من اشتراط الفعل ، بل الظاهر ما صرح به غير واحد من دخول أطفالهم ومجانينهم والمستضعفين منهم ونحوهم ممن محكوم بإسلامه شرعا للتبعية ، بل والإناث وإن كانت الصيغة للذكور ، إلا أن المراد منها الجنس.
نعم يخرج عنهم كل من حكم بكفره ، ولو لسب ونحوه ، وإن انتحل الإسلام كالخوارج والغلاة ونحوهم ما لم يكن الواقف منهم ، وإن احتمال دخولهم في الرياض ، لكنه في غير محله ، من غير فرق في ذلك كله بين كون الواقف من المسلمين محقا وغيره ، للعموم.
وقيل : إن كان الواقف محقا اختص الوقف بقبيلته بشاهد الحال ، كما لو وقف على الفقراء ، ولمنع صحة الوقف على غير المحق ، بناء على اعتبار القربة فيه ، وفيه منع شهادته بذلك ، ولا تلازم بين اقتضائه في لفظ الفقراء ، واقتضائه في لفظ المسلمين ، وإلا لاقتضى في لفظ الناس وبني آدم ونحوهم ، والتعليل بعدم صحة الوقف على غير المحق خروج عن محل البحث ، أولا ، وممنوع ثانيا وإن قلنا باعتبار القربة فيه ، كما أوضحنا سابقا.