العدالة ـ واضح المنع ، لأن المانع لا يشترط العلم بعدمه في التأثير ، بل عدم العلم بوجوده كاف ، كما في كل مانع.
وحينئذ فالأقوال في المسألة ثلاثة ، وقد اتفقت جميعا على عدم الفرق بين متعلق الوصاية في ذلك من ولاية على قاصر ، أو على أداء حق لازم ، أو على صرف ثلث في وجوه بر أو نحو ذلك ، ولعل خيرها أوسطها ما لم يكن فيه مفسدة على القاصر ، لعموم الأدلة وإطلاقها ، خصوصا ما ورد منها في وصاية الامرأة (١) التي من الغالب عدم عدالتها ، وفي وصاية ولده وفيهم الصغار والكبار ، وإن الصبي يكون وصايا بذلك عند بلوغه أو قبله ، والتصرف عند البلوغ ، وغير ذلك من النصوص التي لا ينكر ظهور سياقها في عدم اعتبار العدالة ، سيما ما ورد من وصية الكاظم عليهالسلام جميع ولده (٢) ، ومنهم غير العدل ، وجعل الولاية بيد علي عليهالسلام منهم لا يجدى ، بناء على عدم صلاحية الفاسق للوصاية ، ولو مع انضمامه إلى غيره ممن له الولاية عليه.
ودعوى عدم صحة ائتمان الفاسق والركون إليه واضحة المنع ، فإن الفسق قد يكون بما لا مدخلية له في حفظ المال ، والوصاية ليست ركونا ، ومع التسليم فالممنوع من الركون إلى الظالم من الفاسق ، لا مطلقا ودعوى كونه ظالما لنفسه ، كما ترى لا تستأهل جوابا.
وكذا ما ذكر من القياس على وكيل الوكيل الممنوع اعتبار العدالة فيه أيضا ، فإن الأمر يتبع اذن الموكل أو مصلحة ، ولا ريب في أن الوصاية فرع ولاية الموصى ، وإن لم تكن هي استنابة بمعنى ثبوت الولاية له بعد الموت ، وان الوصي نائب عنه ضرورة انقطاعها بعد الموت ، ولكن لولايته الثابتة حال الحياة قد جوز له الشارع جعل ولي بعد موته فيما له الولاية عليه ، وأدلة جواز ذلك عامة أو مطلقة.
نعم هي مخصصة ، أو مقيدة في بعض أفرادها ، كالولاية على القاصر ونحوها ، بما إذا لم يكن في ذلك مفسدة ، أو بما فيه مصلحة من غير فرق في ذلك بين العدل والفاسق وكذا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٠ و ٥٣ ـ من أبواب أحكام الوصايا.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات الحديث ـ ٥.