قلت : قد يقال : إن نظر الأصحاب إلى أن هذا الاختلاف في مصداق المؤمن الموجود في الكتاب والسنة النبوة وأخبار الأئمة عليهمالسلام ، وليس هو تعدد اصطلاح منهم ، وحينئذ فمن أوقف أو أوصى وجعل العنوان المؤمن نفذ فيما هو مصداقه واقعا ، لظهور إرادة الواقع من كل متكلم إذا كان من قبيل لا يعرف اختلاف علمائه في ذلك ، بل لعله كذلك وإن كان خلاف ما اعتقده الواقف ، إلا أن تكون قرينة على إرادته بوقفه ما يزعم أنه مصداق له ، ومجرد الاختيار في التفسير لا يصلح قرينة على ذلك ، ولا ريب في أن المؤمن في العرف السابق ، المصدق قلبا بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما جاء به ، وفي العرف الحادث المصدق مع ذلك بإمامة الأئمة الاثنى عشر عليهمالسلام ، فهم المؤمنون حينئذ حقا.
نعم يعتبر فيهم عدم صدور ما يخرجهم عن الايمان إلى الكفر من سب وإنكار ضروري المذهب ونحو ذلك ، مثل ما سمعته في المسلم بالنسبة إلى ذلك ، بل وبالنسبة إلى إدخال أطفالهم ومجانينهم مما هو محكوم بايمانه بالتبعية ، بل والمستضعف منهم ، وكأنه أشار إلى بعض ما ذكرنا في الدروس حيث اعتبر اعتقاد العصمة في الاثنى عشر مع الإمامة ، ولعله لأنها من ضروريات المذهب الذي يقتضي إنكارها ـ من أهل المذهب الكفر ، وإن نظر فيه في المسالك قال : « ويلزمه اشتراط اعتقاد أفضليتهم على غيرهم من معتقدات الإمامية المجمع عليها ، والفتاوى خالية عنه ، والظاهر يشهد بخلافه » لكن فيه ما لا يخفى بعد الإحاطة بما ذكرناه ، والله العالم.
ولو وقف على الشيعة فهو في عرفنا الآن للإمامية خاصة كما اعترف به في الرياض ، بل في المسالك حكاه عن بعض من تقدمه ، لكن قال : هو غريب بناء منه على أن الشيعي من شائع عليا عليهالسلام في الإمامة مقدما له على غيره بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وحينئذ فيندرج فيهم الجارودية والإسماعيلية من فرق الزيدية دون غيرهم والكيسانية والواقفية والفطحية وغيرهم ، الا أن المصنف اقتصر على الجارودية من فرق الزيدية للقول : بإمامة الشيخين من باقي فرقهم وانقراض الطوائف الأخر.