ومما ذكرنا يعلم أن الوجه مع زوال العجز يستقل الوصي ، وليس للمساعد مشاركته قهرا ، وإن قال في جامع المقاصد : « ان في ذلك وجهين » كما أنه علم مما ذكرنا حال العجز ابتداء ، وفي الأثناء ، بل لعل قول المصنف « ولو ظهر » ظاهر في الأول ويمكن شموله لهما معا ، وكذا علم حال العجز عن النظر والتدبير ، أو عن المباشرة وعن التوكيل والاستيجار وعدمه ، فتأمل جيدا ، فان ذلك كله غير محرر في كلماتهم والله العالم.
وكيف كان فـ ( إن ظهر منه ) : أي الوصي خيانة في وصيته وجب على الحاكم عزله ، وقيم مكانه أمينا بل في المسالك « إنما يتوقف على عزل الحاكم لو لم نشترط عدالته ، فللحاكم حينئذ أن يعزل الخائن ، مراعاة لحق الأطفال وأموال الصدقات ونحوهما ، أما إذا اشترطنا عدالته ، فإنه ينعزل بنفس الفسق ، وإن لم يعزله الحاكم ، وقد تقدم مثله ، ولعلم المصنف يريد بعزل الحاكم منعه من التصرف ، أو ما هو أعم منه ، ومن مباشرة عزله ، فيجري على المذهبين إذ لم يتقدم منه ترجيح لأحد المذهبين » انتهى ، وظاهره أن الخيانة في الوصية غير باقي أسباب الفسق فإن الحاكم يعزله ، وان لم يشترط العدالة في الوصي ولعله وجهه ما سمعته سابقا في أول الشرائط من خبر الدعائم (١) ، وأن ظاهر حال الموصى ملاحظة أمانته في تنفيذ وصاياه ، فمع فرض خيانته في ذلك لا ولاية له من الموصى ، فهو كما لو أوصى إلى عدل من حيث عدالته ففسق ، فإنه لا وصاية له ، وان لم نقل باشتراط العدالة ، لكن قد يشكل ذلك فيما إذا علم الموصى بحاله ، ومع ذلك قد أوصاه فيما له الوصاية عليه وإن كان خائنا ، ويشكل أيضا في اقتضاء ذلك انعزاله حتى فيما لم نحن فيه ، فيضمن حينئذ كل وصية أنفذها على وجهها ، بعد الخيانة ، بل قد يشكل أصل عزله بذلك ، بل أقصاه منع الحاكم له في استقلاله بالتصرف ، بل يجعل عليه ناظرا منفذا للوصايا معه على وجهها ، اللهم إلا أن يفهم من الموصى اشتراط وصايته بأمانته ، وأنه متى خان لم يكن وصايا ، وحينئذ يتجه منع الحاكم له ، ولا يحتاج إلى عزل ، وكذا الوكيل ، ولعل التمسك بأصالة بقاء حكم الوصي عليه هو المتجه ، فإنه كالوكيل في المعنى ، بل هو أقوى ولاية ، ولم يثبت ما يقتضي انعزال الوكيل بمجرد خيانته حتى لو جاء بباقي ما وكل فيه على وجهه ، فضلا عن الوصي وخبر الدعائم (٢) يمكن إرادة زوال الاستقرار بالتصرف فيه بالنسبة
__________________
( ١ـ٢) المستدرك ج ٢ ص ٥٢٨.