للأول ضرورة أنه تحديد للعرف بذلك ، كما هي عادة الشارع في مثل ذلك ، كالوجه والمسافة ونحوهما مما يشك في بعض الافراد منها ، بعدم معرفة التحقيق في العرف على وجه يعلم الداخل فيه ، والخارج عنه فيضبطه الشارع الذي لا يخفى عليه الشيء بما هو حد له في الواقع ، وليس ذلك منه معنى جديد ، ولا إدخال لما هو معلوم الخروج في العرف وبالعكس.
ومن هنا كان ما قيل وإن لم نعرف قائله كما اعترف به في المسالك من تحديده بما يلي داره إلى أربعين دارا من كل جانب صغيرة كانت أو كبيرة ضعيفا جدا ، بل في المتن وهو مطرح وفي غيره شاذ وفي ثالث ليس بشيء ، كل ذلك للقطع بمخالفة العرف له وجعله عرفا شرعيا غير مجد في الألفاظ المتداولة بين أهل العرف في غيره كما هو المفروض.
وإن رواه جميل بن دراج في الحسن أو الصحيح عن أبي عبد الله عليهالسلام (١) « حد الجوار أربعون دارا من كل جانب ، من بين يديه ومن خلفه ، وعن يمينه وعن شماله ».
وعمرو بن عكرمة عنه عليهالسلام أيضا (٢) « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كل أربعين دارا جيران من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ».
وعمرو بن عكرمة عنه عليهالسلام أيضا في حديث طويل في آخره (٣) « أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر عليا وسلمان وأبا ذر أن ينادوا في المسجد بأعلى أصواتهم بأنه لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه فنادوا بها ثلاثة ، ثم أومأ بيده إلى أربعين دارا من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ».
لكنها محمولة على التقية من العامة الذين حكموا بذلك (٤) للمرسل عن عائشة « أن النبي سئل عن حد الجوار ، فقال : إلى أربعين دارا » أو على إرادة جوار الشرف كساكني النجف
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩٠ ـ من أبواب أحكام العشرة الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩٠ ـ من أبواب أحكام العشرة الحديث ٢.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٨٤ ـ من أبواب أحكام العشرة الحديث ١.
(٤) المغني لابن قدامة ج ٤ ص ٥٥٦ طبع دار الكتب العربية بيروت سنة ١٣٩٠.