الوقف كما هو واضح مع أنه قد يقال في المقام الذي فرض دليله إطلاق الأصحاب ذلك ، الاكتفاء بذلك كيف كان ، للإطلاق المزبور ، اللهم إلا أن يقال : بانسياق المقصود من القبض منه دون الأعم ، ومثله آت في الوقف على المعين مع فرض وجود إطلاق يقتضي الاكتفاء به ، وإلا فقد عرفت أن ظاهر الأدلة القبض المقصود به قبض وقف كما عرفت الكلام فيه مفصلا ، وكذا المنساق بعد انحصار الدليل في الإطلاق المزبور الوقوع على الوجه الشرعي ، وكون المدفون من جملة الموقوف عليهم ، وكالمسلم فيما يوقف على المسلمين ، وفي حكمه من يتبعه من طفل أو مجنون ، بل والمسبي في وجه قوى كما صرح بذلك كله بعضهم ، وإن كان لا يخلو من نظر في بعض الأفراد التي يمكن دعوى تحقق صدق القبض فيها كالدفن الذي لم يمنع الرائحة مثلا.
( ولو صرف الناس في الصلاة في المسجد أو في الدفن ولم يتلفظ بـ ) صيغة الوقف ، لم يخرج عن ملكه بلا خلاف أجده فيه هنا وكذا لو تلفظ بالعقد ولم يقبضه بل في المسالك هذا موضوع وفاق ، وإنما نبه به على خلاف أبي حنيفة حيث جعل الوقف متحققا بالاذن مع الصلاة وبالدفن كذلك محتجا بالعرف ، وقياسا على تقديم الطعام للضيف ، والعرف ممنوع ، والفرق ظاهر.
قلت : لكن قد ذكرنا في أحكام المساجد أنه قال في المبسوط : « إذا بنى مسجدا خارج داره في ملكه ، فإن نوى به أن يكون مسجدا يصلى فيه كل من أراده ، زال ملكه ، وإن لم ينو ذلك فملكه باق عليه ، سواء صلى فيه أو لم يصل » وقال في الذكرى ، : « ظاهره الاكتفاء بالنية ، وليس في كلامه دلالة على التلفظ ، ولعله الأقرب » ونحوه في الدروس ومحكي مجمع البرهان وقلنا هناك ، إن دليلهم دعوى السيرة من المسلمين على ذلك ، وهي ممنوعة ، وعن جامع المقاصد أن في النفس من ذلك شيئا ، لأن الحال فيه كالحال في غيره من العقود مثل النكاح.
قلت : هو حينئذ كالنكاح من العقود الخاصة مما شرعت المعاطاة فيه بالسيرة القطعية عند القائل بها كما نقحناه في محله إلا أنها لما كانت مفقودة في مثل المساجد ونحوهما فضلا عن غيره من